[وصف الله سبحانه بكونه متكلما]
  أما ماهية الكلام فعندنا أن حقيقة الكلام ما كان مؤلفاً من هذه الحروف وأقله حرفان وهل يعد نحو رجل وفرس كلاماً أو لا؟
  فالذي ذهب إليه المتكلمون والجماهير من الأصوليين: أن هذه الكلم المفردة معدودة من جملة الكلام وخالفهم في ذلك النحاة، والمختار ما ذهب إليه الأصوليون؛ لأن كلامنا هاهنا في البحث عن حقيقة الكلام على لسان أهل اللغة.
  ومعلوم أن من أطلق هذه الألفاظ المفردة فإنهم يسمونه متكلماً، ويسمونها كلاماً أيضاً.
  وأما الأشعرية فزعموا أن الكلام يطلق بالاشتراك على أمرين:
  أحدهما: على المعنى القائم بالنفس.
  وثانيهما: على هذه الحروف المسموعة.
  قال: وأما الكلام في تلخيص محل النزاع فنقول:
  أجمع المسلمون على وصف الله سبحانه وتعالى بكونه متكلماً، ولكن اختلفوا في فائدة وصفنا له بذلك:
  فعندنا وهو قول المعتزلة: أن فائدة وصفنا لله تعالى بكونه متكلماً هو أنه خلق هذه الحروف والأصوات في جسم من غير أمر زائد على ذلك وكونه متكلماً عندنا وعندهم يجري مجرى الأوصاف الاشتقاقية التي لا يعتبر فيها إلا مجرد الفعل لا غير كقولنا خالق ورازق.
  وأما الأشعرية فزعموا أن كلام الله تعالى صفة حقيقية مغايرة لوجود هذه الحروف والأصوات قائمة بذاته، وأن معنى كونه متكلماً عندهم هو اختصاصه بهذه الصفة وقيامها بذاته كالقادرية والعالمية، وزعموا أن هذه الحروف دالة على هذه الصفة.
  ثم اختلفوا بعد ذلك في الوحدة والتعدد في كلام الله تعالى فالذي ذهب إليه المحققون منهم أن كلام الله تعالى إنما هو حقيقة واحدة لا يدخلها التعدد البتة