[شبه للأشعرية والجواب عليها]
  الفظة المعينة أمراً ونهياً وخبراً إنما كانت كذلك لأمر وراء صيغتها وكذلك الأمر إنما هو دلالتها على ماهية الطلب والزجر والحكم وهذه الماهيات ليست أموراً وضعية بل هي حقائق ثابتة لا تختلف باختلاف المواضعات وليست أيضاً عبارة عن العلم والقدرة والإرادة؛ لأنا نعلم بالضرورة أن ماهية الأمر والنهي والخبر مخالفة لماهية العلم والإرادة والقدرة ولا نريد بالكلام إلا هذا فثبت أن أمر الله تعالى ونهيه وخبره صفات حقيقية قائمة بذاته مغايرة لإرادته وقدرته وعلمه وأن الألفاظ الواردة في الكتب المنزلة على اختلافها واختلاف عباراتها دالة عليه وهذا هو مطلوبنا.
  فهذا ملخص ما ذكره ابن الخطيب في نهايته.
  قال #: والجواب من أوجه ثلاثة:
  أما أولاً: فإنكم قد صدرتم هذه الشبهة بدعوى الإجماع على أن الله آمر وناهٍ ومخبر، وهذا غير مدفوع ولا ننكره، ولكن نقول: وكذلك وقع الاتفاق أيضاً على أن أمره ونهيه وخبره ليس إلا مجرد هذه الصيغ مع الإرادة والكراهة من غير أمر وراءها.
  فإن كان الإجماع دالاً على ما ذكرتم فهو بعينه دال على فساد ما ذهبتم إليه من الكلام النفسي القائم بذاته تعالى.
  وأما ثانياً: فلم لا يجوز أن يكون حقيقة الأمر هو قولنا: افعل، أو ما في معناها مع الإرادة للمأمور وحقيقة النهي هي قولنا: لا تفعل، أو ما في معناها مع كراهة المنهي والخبر هو قولنا: فَعَل زيد أو ما في معناه مع الإرادة لكونه خبراً.
  ويدل على ما قلناه أنا متى علمنا هذه الأمور علمنا حقائق الأمر والنهي والخبر، وإن لم نعلم شيئاً آخر.
  ومتى لم نعلم هذه الأمور لم نعلم حقائق هذه الأشياء وإن علمنا كل شيء.
  وأما ثالثاً: فنقول: ليس تخلو حقيقة الأمر والنهي والخبر إما أن تكون هي