(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه
  بالتكاليف) أي فعل بهم فعل المختبر بالتكاليف التي أوجبها عليهم (والشدائد) التي تلحقهم في الدنيا كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ...} الآية [البقرة: ١٥٥].
  (و) يجوز أن يقال: إن الله تعالى (يفتن المسخوط عليهم بمعنى يعذبهم) بذنوبهم التي ارتكبوها.
  قالت (العدلية): و (لا) يجوز أن يقال: إن الله يفتن المسخوط عليهم (بمعنى يضلهم عن طريق الحق) أي يغويهم ويميلهم لأنه صفة ذم كما تقدم (خلافاً للمجبرة) فقالوا: يجوز ذلك.
  (قلنا) رداً عليهم: (ذلك) أي وصفه تعالى بأنه يغوي المسخوط عليهم ويميلهم عن طريق الحق (صفة نقص وذم) في حق المخلوق فكيف في حق الخالق جل وعلا.
  (و) هو أيضاً مع ذلك (تزكية لإبليس) وجنوده وتنزيه لهم (كما مر) لهم في لفظ الهدى والإضلال والإغواء، وقد عرفت بحمد الله سبحانه فساد عقائدهم وبطلان أقوالهم وتهافتهم في الضلال واجترائهم على الله العظيم الجلال.
  واعلم أن هذه الكلمات ونحوها من المتشابه يجب ردها إلى المحكم كما أشار الله عز وعلا إلى ذلك بقوله: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}[آل عمران: ٧]، ولا يجوز أن يطلق على الله سبحانه وتعالى منها شيء إلا مع قرينة صارفة عن إرادة الخطأ ونسبة النقص إليه سبحانه وتعالى وكذلك غيرها من سائر الكلمات المشتركة بين معانٍ لا يجوز إطلاق بعضها على الله ø.
  ولقد كشفت المجبرة في هذه الكلمات وفي غيرها قناع الحياء من الله سبحانه واجترأت عليه تعالى اجتراءً كبيراً فيا ويلهم بم يلقونه يوم القيامة.