(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم
  فجعلتها ظلماً وجوراً، ونسبت فعلها إلى الإحالة والاستحالة، ونزهت الله تعالى بزعمهم عن فعلها والقصد إلى إيجادها نحو: ما يصيب الناس في أموالهم وأنفسهم وثمراتهم من النقائص وخلق الحيوانات المؤذية والسموم ونحو ذلك.
  (قلنا) رداً على المجبرة: (من أهان وليه) وهو من المخلوقين المحتاجين بأن عاقبه وأنزل الضرر به (وأعز عدوه) بأن أثابه وعظمه وأوصل المنافع الجسيمة إليه (فلا شك في سخافته) أي نقصه وقلة عقله وإن فعل ذلك لحاجته وما ذاك إلا لأنه عظم من يستحق الإهانة وأهان من يستحق التعظيم وهذه صفة نقص لا يشك فيها، فكيف بها في حق رب العالمين الذي هو أعلم العلماء بقبح القبائح، وأغنى الأغنياء عنها وأعلمهم باستغنائه عنها (والله سبحانه يتعالى عن ذلك) وعن كل صفة نقص وقبيح، له الأسماء الحسنى والسمات العلا.
  (وأيضاً ذلك) أي قول المجبرة الذي افتروه على ربهم واجترأوا به على بارئهم (شك) منهم (في آيات الوعد والوعيد) كقوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ...} الآية [الفتح: ١٧]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ...} الآية [النساء: ١٤]، ونحوهما من الآيات.
  (والله تعالى يقول: {لَا رَيْبَ فِيهِ}) أي في القرآن (فهو) أي قول المجبرة (رد لهذه الآية) وغيرها من الآيات، ومن رد آية من كتاب الله كفر قطعاً.
  (وقال قوم) وهم الحشوية وفرقة من المجبرة: (يعذب الله أطفال المشركين لفعل آبائهم القبائح) ويحتجون بما روي عن خديجة ^ أنها سألت النبي ÷ فقالت: أين أطفالي منك؟ فقال: «في الجنة» فقالت: وأين أطفالي من غيرك؟ فقال: «في النار، وإن شئت أسمعتك ضغاءهم».