(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها
  وثاقي فإذا أَبَلَّ(١) من علته خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
  قال: ووجه هذا الخبر أنا نقول: إن الله سبحانه أعلم بمقادير الثواب من خلقه الملائكة وغيرهم فلا يمتنع على ذلك أن يعلم أن ثواب صبر المؤمن يزيد على ثواب طاعاته من صلاته وصومه وحجه وجهاده وسائر أعمال الصحة.
  يؤيد ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠]، وهذا دليل على كثرته وعظمه فصدّق الكتاب السنة للمتوسمين وما يعقلها إلا العالمون. انتهى.
  وقال المرتضى محمد بن يحيى # في الإيضاح: وسألتم عن قول الله سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠]، قال #: أراد ø بأجرهم عطاءهم الذي أعده للصابرين من الثواب والنعيم والكرامة، ثم ذكر تبارك وتعالى أنه يعطيهم ذلك بغير حساب والعرب تقول لما كان كثيراً غزيراً هذا بلا حساب لأن كل ما كان نزراً سمي بحساب إذ هو يوقف عليه لقلته فأخبر سبحانه أنه يعطيهم أجرهم، وأجرهم فهو ما جعل لهم من عطائه كثيراً غير قليل ولا منقطع فيلحق بحساب ويعرف له غاية فذكر ø أنه كثير دائم غير منقطع ولا فان، وقلتم من الصابرون؟ فهم الذين صبَّروا أنفسهم ومنعوها من اتباع أهوائهم والارتكاب للذاتهم، الذين صبروا على الطاعة وتمسكوا بحبله، وصبروا على ما نزل بهم من المحن في أمره وجاهدوا أعداءه ونالهم في ذلك المكروه وبذلوا فيه مهجهم.
  (ويمكن أن يكون إيلام من قد كفر الله عنه جميع سيئاته كالأنبياء À) فإنهم معصومون عن الكبائر، وإذا وقع منهم العصيان فإنما يكون على سبيل الخطأ والنسيان وهي مكفرة فيمكن أن يكون إيلامهم (تعريضاً) من الله
(١) أَبَلَّ المريض: برأ. (المعجم الوسيط).