(فصل): في ذكر الآلام التي يقبح فعلها من العبد وكيف يكون الإنصاف من أهلها
  الحيوانات مع كون الجاني متعدياً ولم يتب (فلمصلحة) أي فلا بد من مصلحة (يعلمها الله [تعالى] له) أي لغير المكلف (كما مر ذكره) في الألم الحاصل من الله سبحانه على غير المكلف وإنما كان كذلك مع كونه من العاصي المتعمد على جهة العدوان (للتخلية) من الله سبحانه بين الجاني والمجني عليه وهي حسنة من جهة الله سبحانه وإن كان الفعل من جهة الجاني قبيحاً.
  (و) إنما قلنا: لا بد من المصلحة للمجني عليه (لعدم أعواض الجاني كما مر) من أن ذا الكبيرة لا عوض له في ألمه لانحباط العوض بالعقاب.
  وقال الإمام (المهدي) أحمد بن يحيى (#) حاكياً (عن العدلية لا بد من آلام) تلحق الجاني في الدنيا إما في بدنه أو ماله أو ولده وسواء كانت جنايته على مكلف أو غير مكلف فلا يخرج من الدنيا إلا وقد ناله آلام (يستحق بها العوض) من الله سبحانه.
  قالوا: وإلا كان تمكينه من الجناية والتخلية بينه وبين المجني عليه ظلماً والله يتعالى عنه (فيعطى المجني عليه) كائناً من كان (منها) أي من تلك الأعواض.
  (لنا) حجة عليهم: (ما مر من أنه لا عوض لصاحب الكبيرة) بل ذلك معلوم بالمشاهدة من حال كثير من المتجبرين في الأرض كفرعون والحجاج وغيرهما ممن أكثر الفساد في الأرض بالقتل والحبس وأخذ الأموال وغير ذلك وأنهم يموتون من غير أن يقع بهم من الآلام ما يوفي من جنوا عليه بل قد لا يتألم منهم أحد إلا وقت الموت وذلك واضح.
  وأما قولهم وإلا كان التمكين والتخلية ظلماً.
  قلنا: لا ظلم لأنه في حق العاصي تعجيل عقوبة، ولو كان ظلماً لكان عقابهم في الآخرة ظلماً وفي حق المؤمن وغير المكلف لا بد من مصلحة كما مر.
  (قالوا): لا يصح أن يكون العوض للمجني عليه من الله لأن (الذي من