شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآلام التي يقبح فعلها من العبد وكيف يكون الإنصاف من أهلها

صفحة 202 - الجزء 2

  سأل عنه في قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ٨٣}⁣[مريم]، إلى قوله #: فتوهم بجهله أن الله أرسل الشياطين على الآدميين إرسالاً وجبرهم على تحييرهم وتضليلهم جبراً، وأدخل الشياطين في إغوائهم قسراً ليضلوهم عن الهدى ويوقعوهم في الردى، وأن ذلك كان من الله للشياطين أمراً وقضاءً قضى به عليهم قسراً، وليس ذلك كما قال ولا على ما ذهب إليه من فاحش المقال، وكيف يرسل الشياطين على عباده إرسالاً؟! ويدخلها في الإغواء لهم إدخالاً ثم يعذبها عليه ويعاقبها فيه؟

  ألا تسمع كيف يقول: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٥}⁣[ص]، فلم إن كان أرسله عليهم إذاً يعاقبه على ما صنع فيهم؟ بل هو على غير ما يقول في الرحمن أهل الضلالة والطغيان.

  ثم نقول من بعد ذلك: إن معنى قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} هو خلينا ولم نحل وتبرأنا من بعد أن أمرنا ونهينا وليس إرساله للشياطين إلا كإرساله للآدميين فكل قد أمره بطاعته ونهاه عن معصيته وجعل فيه ما تعبده به من استطاعة، ثم بصرهم وهداهم ولم يحل بين أحد وبين العمل.

  إلى قوله #: فكان من أعطى من الجن والإنس من استطاعات وترك قسرهم على الطاعات إرسالاً وتخلية منه لهم في الحالات لا ما يقول به أهل الجهالات، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة وإن الله لسميع عليم.

  فلما خذل الكافرين بكفرهم ولعنهم بجرأتهم وتبرأ منهم بعصيانهم غريت بهم الشياطين وسولت لهم وأملت فاتبعوها ولم يعصوها ويبعدوها ولم يتذكروا عندما يطيف بهم طائف الشيطان بل تكمهوا وغووا زعموا ... إلى آخر كلامه # في هذا المعنى.

  (وإن كان) المجني عليه (غير مكلف) كالصبيان والمجانين وسائر