شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في أحكام العوض

صفحة 206 - الجزء 2

  (وجناية ذي الكبيرة) أي مرتكب المعصية الكبيرة (خطأ كما مر) في جناية العامد سواء إلا في شيء واحد (و) هو أنه (لا عقاب عليه بسببها لعموم أدلة العفو عن الخطأ) أي لشمولها العاصي وغيره في سقوط العقاب من نحو قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}⁣[الأحزاب: ٥]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

  وأما ضمان الأموال في جناية الخطأ فلدليل خاص من نحو قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}⁣[النساء: ٩٢]، ولأن غرامة المال ليس من العقاب وإنما رفع الله سبحانه عن المخطئ العقاب.

(فصل): في أحكام العوض

  وهو المنافع والنعم الموصلة إلى صاحبها لا على جهة التعظيم، فقال (جمهور أئمتنا $ وأبو الهذيل وأحد قولي أبي علي وغيرهم) كبعض البغدادية: (ويدوم العوض) لمن استحقه (خلافاً لبعض أئمتنا $) كالإمام المهدي # (والبهشمية) أتباع أبي هاشم فقالوا: لا يدوم، كالأروش المستحقة بالجنايات؛ فكما لا يجب دوامها لا يجب دوامه.

  (قلنا) رداً عليهم: (انقطاعه يستلزم) إما (تضرر المعوض) بانقطاعه حيث لا ثواب له كالبهائم ونحوها، (أو فناؤه) أي فناء المعوض لانقطاع عوضه ومنفعته (وحصول أيهما) وهو ضرر المعوض أو فناؤه (بلا عوض) آخر (لا يجوز على الله تعالى)؛ لأنه إيلام عار عن جلب المنفعة ودفع المضرة وذلك ظلم والله يتعالى عن الظلم.

  (و) إذا قلنا: إن هذا الضرر أو الفناء (بعوض آخر) من الله سبحانه فإنه (يستلزم ذلك أن تكون الآخرة دار امتحان وبلاء) لوقوع الضرر والفناء مع العوض فيها (لا دار جزاء فقط، والإجماع) منعقد (على خلاف ذلك) أي منعقد على أنها دار جزاء فقط لا امتحان فيها ولا بلاء.