شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في أحكام العوض

صفحة 207 - الجزء 2

  (فإن قيل): وما المانع من انقطاع العوض عن المعوض و (يتفضل الله عليه بعد انقطاعه) بعوض آخر أو بمنافع أكثر أو أقل على حسب ما تقتضيه الحكمة؟

  (قلنا: قد استحق) المؤلم (بوعد الله الذي لا يبدل القول لديه أن يبعث للتنعم) وللانتصاف له لما مر ولقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ٣٨}⁣[الأنعام]، فالمكلفون يحشرون لمجازاتهم بالثواب والعقاب والانتصاف، وللتفضل عليهم، وسائر غير المكلفين لتوفية أعواضهم والتفضل عليهم.

  وقال أبو هاشم: يجوز أن تعوض البهائم في الدنيا فلا تعاد.

  وقال الأكثر: بل لا بد من إعادة ما كان له عوض منها ولكن اختلفوا في حكمها بعد الإعادة:

  فقال عباد: تبطل إما بمصيرها تراباً أو بغير ذلك.

  وقال بعضهم: يجوز أن يدخل الله تعالى النار ما كان مُبْغَضاً منفوراً عنه كالحيات والسباع مع كونها متلذذة بذلك ويدخل الجنة ما كان حسن الصورة محبوب المنظر.

  وأما ما لا عوض له كمن يموت مغافصة من دون ألم فقالوا: لا يقطع بوجوب إعادته.

  قلنا: قد دل الدليل القاطع على إعادة جميع الدواب وهو الآية المتقدم ذكرها وغيرها ولو جوزنا حصول أعواضها في الدنيا لكان إيلامها بالموت ظلماً، ولجوزنا ذلك في حق المكلفين، ولو جاز ذلك في حقهم لم يعلم أن الواصل إليهم في الدنيا عوض عن آلامهم ولكان إيلامهم بالموت ظلماً.

  ومما يؤيد ما ذهبنا إليه في جميع ما تقدم قول الإمام المهدي لدين الله الحسين بن القاسم بن علي العياني $: واعلم يا أخي أن هذه الهوام في أنفسها حكمة جليلة تدل على خالقها من تركيب آلاتها وأدواتها وإحكام صنعة هيئاتها وإصلاح