شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآجال وحقيقتها

صفحة 211 - الجزء 2

  القتل فلا تجويز؛ (إذ قد حصل موته بالقتل) ويقطع حينئذ أنه لم يكن يجوز غيره لأن الأجل هو وقت الموت وهو قد مات في ذلك الوقت فقد مات في أجله.

  قال النجري: وإلى هذا أشار السيد مانكديم في شرح الأصول حيث قال: ولا خلاف فيمن مات حتف أنفه أو قتل أنه مات بأجله؛ لأن الأجل هو وقت الموت وهما جميعاً قد ماتا وقت موتهما، وإنما الخلاف في المقتول لو لم يقتل كيف كان يكون حاله في الحياة والموت. انتهى.

  وهذا من الحاكم تأويل لكلام البهشمية ومن تابعهم، وفي هذا التأويل نظر إذ المسألة مفروضة بعد وقوع القتل هل كان يجوز من الله سبحانه إبقاء حياة المقتول مع الفرض بأنه لم يقتل؟ لأن القتل ليس فعلاً له تعالى، أو كان تعالى يميته في ذلك الوقت الذي قتل فيه.

  وهذه المسألة لا تحتمل غير ثلاثة أوجه: إما أن يقطع بحياته لو سلم من القتل كما هو مذهب قدماء أئمة أهل البيت $.

  أو يجوز حياته وموته كما هو مذهب البهشمية وأتباعهم.

  أو يقطع بموته كما هو مذهب الجبرية بناء منهم على أن الأفعال من الله سبحانه تعالى الله عن ذلك ولا تحتمل القسمة غير هذه الثلاثة الأوجه أبداً.

  وأما قولهم: إنا نُجوِّز ذلك قبل وقوع القتل لا بعده فنقول لهم: ما المراد بقولكم هذا أتريدون أن الرجل السوي الصحيح يجوز موته في أي وقت من الأوقات ويجوز حياته فيه فهذا صحيح ولا نزاع فيه.

  فإن أردتم أن هذا التجويز مستمر إلى أن يقع عليه القتل ومتى وقع انتفى التجويز.

  قلنا: التجويز قبل وقوع القتل متفق عليه وليس بمحل النزاع، وقولكم بعد وقوع القتل ينتفي التجويز ويقطع أنه مات بأجله هو محل النزاع، وهذا هو مذهب الجبرية بعينه.