[الاحتجاج على الأجل المقدر وأن القتل خرم]
  وإن بقي التجويز بعد وقوع القتل كما كان قبله بطل قولكم إنه ينتفي التجويز بعد القتل.
  فعرفت من هذا أن تأويل الحاكم لقول البهشمية لا يصح.
  وأما قولهم: لا خلاف أن المقتول مات بأجله فهو صحيح ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في الأجل الثاني وهو المفروض المقدر هل يثبت للمقتول على تقدير عدم وقوع القتل أو لا يثبت إلا ذلك الأجل الذي قتل فيه؟
  فالذي ذهب إليه قدماء أئمة أهل البيت $ أن له أجلاً مقدراً مفروضاً بعدم القتل يعلمه الله سبحانه لو سلم من القتل لعاش حتى يبلغه.
  وقالت (المجبرة) والحشوية ومن وافقهم كأبي الهذيل: إنه ليس له أجل مقدر مفروض في علم الله غير الأجل الذي قتل فيه، وحينئذ (لا يُجوَّز) حياته (قبله) أي قبل القتل (ولا بعده) أي بعد القتل (البتة)، فلو لم يقتل المقتول لمات قطعاً في الوقت الذي قتل فيه.
[الاحتجاج على الأجل المقدر وأن القتل خرم]
  (لنا) حجة على ما ذهبنا إليه من إثبات الأجل المقدر المفروض: (قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٧٩}[البقرة] (وهو نص صريح يفيد القطع بأن القتل خرم) أي قطع لحياة المقتول (إذ لو ترك المقتول) ظلماً (خشية القصاص) من قاتله (لعاش) ذلك المقتول (قطعاً، ولو ترك المقتص منه) وهو القاتل (لتركه القتل الموجب للقصاص لعاش قطعاً كما أخبر الله تعالى) في هذه الآية بقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} أي حياة عظيمة.
  قال الهادي # في معنى هذه الآية: والحياة التي في القصاص فهي ما يداخل الظالمين من الخوف من القصاص في قتل المظلومين فيرتدعون عن ذلك إذا علموا أنهم بمن يَقْتُلون مقتولون فتطول حياتهم إذا ارتدعوا عن فسادهم