(فصل): في ذكر الآجال وحقيقتها
  ولو كان من يُقْتَل لو سلم من القتل لمات في ذلك الوقت لكان من ذبح بهيمة غيره مأجوراً غير مأزور ولم يحكم لصاحبها بشيء لأنه لو تركها لماتت فكانت ميتة فكأنه قد أحسن إلى صاحبها، وكذلك القاتل لا يجب عليه قود ولا دية في جرح من قد أذن الله بموته.
  إلى أن قال #: وأما قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً}[آل عمران: ١٤٥]، فإن الموت غير القتل قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}[آل عمران: ١٤٤]، فصح أن الموت فعل الله والقتل فعل القاتل.
  وقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ٣٤}[الأعراف]، يريد أجل الموت الذي هو غير القتل.
  وقوله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}[آل عمران: ١٥٤]، المراد بالكتاب هاهنا العلم يقول: لبرز الذين علم الله أنهم يقتلون إلى مضاجعهم، وعلم الله سابق غير سائق.
  قال #: وذهبت المطرفية إلى أن الآجال ليست من الله إلا أجل من بلغ مائة وعشرين سنة فمن بلغ مائة وعشرين سنة ومات فالله أماته، ومن مات قبل ذلك فلم يرد الله موته وإنما ذلك بتعدي من تعدى وظَلَم وبأسباب وأعراض وأمراض ليست من الله ولا قصدها ولا قصد موت الميت إلا إذا بلغ الحد الذي ذكروه، وقالوا: هو العمر الطبيعي.
  وقالوا: إن الله تعالى ساوى بين الناس في ستة أشياء: في الخلق والرزق والموت والحياة والتعبد والمجازاة. انتهى كلام الإمام أحمد بن سليمان # بلفظه.
  وسيأتي الرد على المطرفية فيما زعموه من المساواة في هذه الستة الأشياء عند تمام الكلام في هذه المسألة إن شاء الله تعالى.