[جواب الإمام أحمد بن سليمان # على بعض أباطيل المطرفية]
  الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[الزخرف: ٣٢].
  وكذلك لم يُساوِ بينهم في الرزق، بل رزق بعضهم أكثر من بعض، وذلك مشاهدٌ ظاهرٌ، وقَلَّ ما يوجد أخوان لأبٍ وأمٍّ مستويين في الرزق، ولو كانت ضيعتهما واحدة، واستطاعتهما، فكيف يستوي جميع الناس؟! وبعضهم رِزقٌ في ذاته مثل الولد والمملوك، فإنهما رزقٌ للوالد والمالك، فكيف يستوي الرزق والمرزوق، وقد رأينا أرضاً ينزل الله عليها المطر في كل وقتٍ يحتاج الناس إليه، ويصرف عنها الآفات، ورأينا أرضاً لا يكاد أهلها يعرفون المطر، ولا يزالون في عسرٍ، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ}[النحل: ٧١]، وقال تعالى: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ٤٩ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ٥٠}[الشورى].
  وأيضاً فإن المواريث رزقٌ بالاجماع وقد فضل الله بعض الورثة، وجعل لبعضهم كل المال.
  وأما قولهم: إن الله ساوى بين الناس في الموت والحياة فإن الله لم يساوِ بينهم في الموت والحياة فيما زاد على مائة وعشرين سنةً، فمن الناس من عمره مائة وثلاثون وأكثر من ذلك إلى ألف سنة، أو أكثر أو أقل، فكما كان الاختلاف موجوداً في الزيادة على مائة وعشرين سنة كذلك فيما دون المائة والعشرين.
  وأما قولهم: إنه لا يموت أحدٌ قبل هذا الحد الذي حدّوه بقضاء الله وفعله، بل بسببٍ عارضٍ لم يُرده الله، فهذا ينتقضُ عليهم من وجوه:
  منها أن الطبيعة لا تكون إلا أكثر من العوارض والفساد، ولو كان الفساد غالباً على الطبيعة لكان الفساد غالباً على الصلاح، ولو كان ذلك كذلك لكان فعل الله مغلوباً؛ ولأنه لا يكاد يبلغ مائة وعشرين سنة إلا القليل، مع أن من بلغ