شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآجال وحقيقتها

صفحة 224 - الجزء 2

  هذا الحد يكون عاجزاً ضعيفاً، قال الله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ}⁣[يس: ٦٨].

  ومنها أن الله تعالى لم يهمل الخلق، ولا ضيّع العباد، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}⁣[المؤمنون: ١١٥]، وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ٣٦}⁣[القيامة]، وإذا كان موت من يموت قبل هذا الحد بغير تَعَدٍّ من أحدٍ ولم يكن من الله، مثل من يناله مرضٌ فيموت منه، ومثل من تأكله الحيّة في حرزه، ومثل من تُصيبه بَرْقَةٌ من⁣(⁣١) منزله، ومثل موت النفساء على ولدها، فإذا كان هؤلاء وأمثالهم لم يجنوا على نفوسهم، ولا جنى عليهم آدميٌّ، ولا كان موتهم من قِبَلِ الله، كانوا مهملين مضيعين.

  فإن قالوا: إن كل من أصيب بالموت قبل هذا الحد فإن مصابه من قِبَل تعدي من يتعدى عليه أو تفريطه في نفسه.

  قلنا: فالطفل إذا أصيب بمصيبة الموت ولم يكن من أحد تعدٍ عليه ولا تعدى على نفسه؟

  فإن قالوا: مصابه بتعد وتفريط من وليه.

  قلنا: فلا يكون المتعدي إلا مأثوماً، وإذا كان كذلك كان مصاباً بمصيبتين إحداهما موت ولده والأخرى الإثم في تفريطه وترك منعه للموت عنه وهذا ما لا يقول به أحد غير هذه الفرقة.

  وقد روي أن إبراهيم بن رسول الله ÷ مات وهو ابن ستة عشر شهراً فإلى من ينسبون موته؟

  وقد قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ


(١) في الأصل: (من)، وفي الحقائق: (في).