شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح

صفحة 236 - الجزء 2

  في شظايا الأعصاب المنبثة إلى أقاصي البدن.

  وثالثها: قال قوم: الروح هو الدم فإنه إذا نزف الدم مات الحيوان، ويريدون الدم وما يقوم مقامه من المائية التي تكون في بعض الحيوان كالذباب وغيره.

  ورابعها: أن الروح هو التنفس والهواء الذي يكون في مخارق الحيوان، ووجهه أن الروح أصله ريح وهذا يناسب المراد، ولأنه إذا انقطع النسيم الذي يدخل أجواف الحيوانات هلكت، وهذا باطل لأنه لا يسلم حاجة كل حيوان إلى التنفس ولا يلزم من احتياجه إليه أن يكون هو الروح فإنه يحتاج إلى البنية والرطوبة وغير ذلك ولم يقولوا هي الروح.

  وخامسها: أن الروح أجسام لطيفة حية لذاتها متشابكة في البدن سارية فيه سريان ماء الورد في الورد والنار في الفحم والدهن في السمسم فبسبب مشابكتها وسريانها يصير هذا الهيكل حياً والذوبان والانحلال يتطرق إلى الهيكل دونها.

  والموت استخراج هذه الأجزاء اللطيفة من الهيكل وهذا قول لبعض الفلاسفة ولقوم من المسلمين منهم النظام.

  وقال الواحدي عن ابن عباس: الروح إذا خرج من الإنسان مات الجسد وصار الروح صورة أخرى ينظر إلى الناس يبكونه ويغسلونه ولا يستطيع أن يتكلم لأن الجسد جرم والروح كان يصوت من جوفه كما أن الريح إذا دخلت في مكان ضيق سمع لها دوي فإذا خرجت لم يسمع، وكذلك أصوات المزامير.

  وأرواح المؤمنين يجدون ريح الجنة وينظرون إليها وأرواح الكفار ينظرون إلى النار ويدركون عذابها حتى إذا نفخ في الصور ماتت الأرواح كلها ورفع العذاب عن الكفار فيما بين النفختين فذلك قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، ثم تعاد.

  ويحتجون له بنحو: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}⁣[الزمر: ٤٢]، وبنحو: