(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح
  إلى قوله #: ثم نقول من بعد: إن الروح محل لهذه الأقسام وإنه جسم لا يدرى ما هو من الأجسام لأن الروح ينتقل من الموضع إلى غيره وذلك لطف الله وتدبيره ولا يجوز الانتقال إلا على الأجسام وما ركب الله من الأجرام. انتهى.
  وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة # في شرح الرسالة الناصحة: والروح هو النَّفَسُ المتردد في مخارق الحي عند أهل العلم واللغة، ومنبعه من القلب وليس للاتساع في ذكره هاهنا وجه، وقد قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ~: وعلق في صدره قلباً، وركب فيه لباً، وجعله وعاء للعقل الكامل وحصناً للروح الجائل. انتهى ما ذكره المنصور بالله #.
  (وكذلك القول في كثير من مسائل فن اللطيف) أي علم اللطيف المذكور في رياضة الأفهام وغيرها (ونحو مساحة الأرض) أي معرفة مقدارها وكم هي فراسخ وأميال أو أذرع وغير ذلك مما لا دليل عليه إلا التوهم.
  وقال في التجريد في تفسير قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء: ٨٥]، ما لفظه: إنهم سألوه عن الروح الذي يحيا به الحيوان وفيه اضطراب واختلاف بين الناس فمنهم من يقول: هو جسم، ومنهم من يقول هو عرض، ومنهم من يقول: ليس بجسم ولا عرض، ومنهم من توقف.
  أما القائلون بأنه عرض فاختلفوا فقال بعضهم: الروح الحياة وهي المعنى الذي يوجب صحة الإدراك وهذا قول بعض المعتزلة وغيرهم.
  ومنهم من قال غير ذلك.
  وأما القائلون بأنه جسم فاختلفوا على أقوال: أحدها: أنه الأجزاء اللطيفة المكنونة في البطن الأيسر من القلب النافذة في الشرايين المنبثة في أجزاء البدن.
  وثانيها: قال قوم: الروح عبارة عن الأجزاء اللطيفة المكنونة في الدماغ الصالحة لقبول قوى الحس والحركة والحفظ والفكر والذكر النافذة من الدماغ