(فصل): في ذكر فناء العالم وكيفيته
  ارتياب (لأجل فنائهم) الذي شاهدوه (وإعادتهم) بعد ذلك وهم يشاهدون (أن الله حق) وأن ما وعد وأوعد به صدق كما (قال الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ}) أي أطراف الدنيا ونواحي السماء من آيات قيام الساعة التي تتغير بها الأرض والسماء ({وَفِي أَنْفُسِهِمْ}) من الموت ثم الحياة ({حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت: ٥٣]) أي أن الله سبحانه هو الحق لا ريب فيه وأنه مجازيهم بما عملوا هكذا سمعت تفسيرها منه #.
  (و) يعلمون بعد ذلك (أن ما وصل إليهم جزاء) لهم على أعمالهم (قطعاً) أي علماً لا شك فيه (لإخبار الله تعالى إياهم بذلك) أي بالمجازاة أُخبِروا بها (في الدنيا على ألسنة الرسل) المرسلين إليهم (ولإخبارهم أيضاً في الآخرة به) أي ويخبرون في الآخرة أيضاً على ألسن الملائكة À أن الواصل إليهم جزاء على أعمالهم فحصل لهم العلم بأن الواصل جزاء من الجهتين وقد علموا ضرورة أن الله هو الحق بما يشاهدونه من الآيات (فيكون) ذلك الذي ذكرناه من العلم البت بالجزاء ومشاهدة الآيات وأن الدار دار خلود إما نعيم لا نفاد له وإما عذاب لا انقطاع له (أعظم حسرة)، وأي حسرة (على العاصين) نعوذ بالله منها حين يعلمون أنه لا انقطاع لما هم فيه من العذاب الأليم.
  (وأتم سروراً) وأي سرور (للمثابين) الذين آثروا الدار الآخرة على الدنيا حين يعلمون أنه لا نفاد لما هم فيه من النعيم الدائم (مع انتفاء حجة الأشقياء على الله تعالى) لعلمهم بالفصل بين الدارين بالفناء، فلا يمكنهم المساواة بين من تاب قبل موته وقبل مشاهدة العذاب ومن تاب بعد ذلك.
  (ولأن الآخرة دار جزاء) فلا يقبل منهم العمل ولا التوبة فيها (لا دار عمل) فثبت بما ذكرناه حسن فناء العالم لأجل المجازاة.
  قال #: (والله أعلم).