[حسن الفناء والحكمة في البعث]
  على عصيانهم وهذا في حق العصاة.
  وأما في حق الممتحنين من المؤمنين فكذلك أيضاً (و) هو (أن أكثر الممتحنين) منهم (لو جُوْزُوا) في دار الدنيا (مع عدم مثل ذلك) أي مع عدم خلق ما يعلمون به ضرورة أن الواصل إليهم جزاء على طاعتهم أي من غير فناء الدنيا (لم يعلموا ضرورة أن الواصل إليهم) من الله (جزاء) على أعمالهم الصالحة (بل) ربما (يحصل التجويز) منهم (أنه من سائر التفضلات) التي تفضل الله بها عليهم في دار الدنيا من النعم الجزيلة التي لا تحصى.
  (و) أيضاً لو وقع الجزاء (مع عدم كشف الغطاء) أي مع عدم اضطرارهم إلى معرفته تعالى أو معرفة الجزاء (بخلق ذلك) أي بخلق ما يعلمون به ضرورة أن الواصل جزاء أي لو وقع الجزاء في الدنيا ونزل العذاب بأهله لكان في ذلك (إثبات لحجة الأشقياء على الله تعالى) التي يأتي ذكرها الآن إن شاء الله تعالى وذلك (لانتفاء الفرق عندهم) أي عند الأشقياء أي والسبب في إثبات حجة الأشقياء على الله تعالى انتفاء الفرق عندهم (بين من يخافه تعالى بالغيب) أي قبل نزول العذاب للأدلة العقلية والشرعية المؤدية إلى معرفته تعالى وصدق وعده ووعديه فعملوا بمقتضاها (وبين من لا يخافه تعالى إلا عند مشاهدة العذاب) وحين لا تنفع التوبة ولا تقبل المعذرة فيتوهم الأشقياء استواء الفريقين فيحتجون على الله تعالى، (فيقولون) حين مشاهدة العذاب: (تبنا) عن عصيانك (كالتائبين) من الذين تابوا قبلنا من المؤمنين (وأطعناك) الآن (كالمطيعين) ممن سبقنا بالطاعة فقد علمناك ضرورة وعلمنا صدق وعدك ووعيدك ضرورة فلِمَ لا تقبل توبتنا وطاعتنا وقد صرنا الآن كمن سبقنا بالتوبة والطاعة وهو حي مثلنا وهذه حجة الأشقياء التي يتوهمونها على الله سبحانه.
  (ومع الفناء) أي فناء العالم (ثم البعث) أي إحياء الموتى بعد ذلك وإرجاع الأرواح إلى أجسادها (يعلمون علماً بتاً) أي علماً مقطوعاً به لا شك فيه ولا