(فصل): [في جواز التكسب]
  والمفاخرة والمباهاة ونحو ذلك.
  ومن هذا النوع السؤال للناس فإنه حرام لما فيه من إسقاط الحياء والمروءة وأذية الناس وإظهار جحود نعمة الله سبحانه، ولقوله ÷: «من فتح باباً من السؤال فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر» ونحو ذلك.
  واعلم أن الله سبحانه هو المقدر للأرزاق بين عباده فقسمها بينهم على ما يشاء بحسب المصلحة وفضل بعضهم على بعض بلوى منه تعالى للمفضلين والمفضولين كما قال ø: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٣٢}[الزخرف].
  وقالت المطرفية: إن الله سبحانه سوى بين عباده في الرزق وقد تقدم الرد عليهم في مسألة الآجال.
  وقالت (الحشوية و) قد مر ذكرهم ومثل قولهم (تدليس الصوفية) أي القول الذي تظهره الصوفية للتدليس على أغمار الناس فقالوا فيه مثل قول الحشوية وهو: أنه (لا يجوز) التكسب (لمنافاته التوكل) الذي أمرنا به ولأنه لا يأمن الكاسب أن يَغصِب عليه ما كسبه ظالم فيتقوى به على الظلم، ولأنه قد اختلطت الأموال والتبس الحلال بالحرام.
  (و) أما (تحقيق مذهب الصوفية) فليس تحريم التكسب عندهم لمنافاة(١) التوكل (بل لأن إباحته) أي إباحة الرزق (أغنته) أي أغنت المكتسب (عن المشقة) في طلب الرزق؛ لأنهم يقولون إن الأموال مباحة كما سبق ذكره عنهم.
  (قلنا) جواباً عليهم: إن (التكسب لم يناف التوكل)؛ لأن الزراع يلقي بذره في الأرض متوكلاً على الله في إنباته وتمامه ونزول الغيث وسلامته من الآفات.
(١) كذا في الأصل، وفي (ب): لمنافاته.