شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في أحكام اللطف وغيره

صفحة 284 - الجزء 2

  سبحانه لعدله وحكمته لا يخلي بين الظالم والمظلوم إلا لمصلحة للمظلوم توفي على مقدار ضرره من الظالم كما مر ذكره في الآلام فثبت أن هذه التخلية تفضل من الله تعالى لكونها عرضاً على الخير كالآلام والغموم ونقص الثمرات والأولاد والأرزاق وغير ذلك فالتناصف بعد ذلك مزيد تفضل.

  وقد أوضح ذلك الإمام # بقوله: (لأن الامتحان تفضل كما مر) ذكره، (فهي) أي التخلية (حسنة كالفصد) للمؤلم لدفع الضرر (ولا شيء على الفاصد) للأليم (ضرورة) أي علم ذلك بضرورة العقل أي بديهته (غير الفعل المطلوب منه) وهو الفصادة (إذا كان بصيرً) بها (لأنه محسن) في فصادته (عند العقلاء) لا يختلفون في ذلك (و) قد قال تعالى: ({مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}⁣[التوبة: ٩١])، فثبت بما ذكرناه عدم وجوب التناصف وغيره على الله تعالى.

  وقال (بعض المعتزلة وغيرهم: بل يجب على الله تعالى) ما علمنا أنه يفعله قطعاً فهو موصوف بصفة الوجوب فيقبح الإخلال به ثم اختلفوا:

  فقال (بعضهم): يجب (جميع ما ذكر) مما تضمنه المثال المذكور والتناصف وهي الستة المذكورة في أول الفصل وهؤلاء هم جمهور المعتزلة.

  (و) قال (بعضهم: بل بعضه) أي بعض ما ذكر كقول بشر بن المعتمر ومتابعيه أنه لا يجب على الله تعالى بعد التكليف إلا التمكين.

  وقول أبي علي وأصحاب اللطف أنه قد يحسن الألم من الله سبحانه وتعالى لمجرد دفع الضرر من غير عوض كما سبق ذكره.

  (لنا) حجة على مخالفينا: (ما مر) ذكره من إيهام التكليف وأن الطاعات شكر لله تعالى في مقابلة النعمة.

  (قالوا) أي المخالفون لنا: (قال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ