شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الفرق بين الرسول والنبيء

صفحة 338 - الجزء 2

  أيضاً فهؤلاء يقولون: لا فرق بين الرسول والنبي بل معناهما واحد.

  (لنا) حجة على قولنا: (قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}⁣[الحج: ٥٢]، فعطف العام) وهو النبي (على الخاص) وهو الرسول كما في قوله تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ}⁣[آل عمران: ٨٤]، (إذ ذلك) أي العطف (يقتضي المغايرة) أي كون المعطوف غير المعطوف عليه.

  وقد قيل: إن التغاير حكم أكثري فلا يصلح حجة لأنه قد ورد العطف لغير التغاير كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٩٦}⁣[هود]، والآيات والسلطان معناهما واحد.

  وقال الشاعر⁣(⁣١):

  وألفى قولها كذباً وميناً

  والكذب والمين معناهما واحد.

  ويمكن الجواب: أن حقيقة وضع العطف للمغايرة وذلك معلوم لا ينكر فمن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل؛ لأنه عدول إلى المجاز ولا يعدل إليه إلا لقرينة ولا قرينة هنا تدل على اتحاد معنى الرسول والنبي.

  ومما يدل على التغاير: ما روي عن النبي ÷ أنه سئل عن الأنبياء فقال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً»⁣(⁣٢) قيل: فكم الرسل منهم؟ قال: (ثلاثمائة


(١) هو عدي بن زيد العبادي، وهذا عجز بيت من قصيدة له يذكر فيها قصة الزباء وجذيمة وصدره: (فقدمت الأديم لراهشيه). (المستقصى في أمثال العرب للزمخشري باختصار).

(٢) رواه أبو العباس الحسني # في المصابيح، ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي ذر، والحاكم في مستدركه، وأحمد في مسنده، والبيهقي في سننه، والطبراني في الكبير، وأبو نعيم في الحلية، وابن جرير الطبري في تاريخه، وابن حبان في صحيحه، والبزار في مسنده، وابن كثير في البداية والنهاية، وقال السيوطي في الدر المنثور أخرج عبد بن حميد، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وابن عساكر عن أبي ذر، وذكر الحديث.