شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[القرآن المعجزة الكبرى والخلاف في وجه إعجازه]

صفحة 379 - الجزء 2

  فقال (أئمتنا $ والجمهور) من غيرهم: (وإعجاز القرآن في بلاغته الخارقة للعادة) أي التي لا يقدر عليها المخلوق.

  وينبغي أن نبين ماهية الفصاحة والبلاغة أولاً ثم نبين حصولهما في القرآن فنقول: الفصاحة في أصل اللغة إخلاص اللبن عن الزبد فإذا تميز اللبن عما يشوبه من الزبد سمي فصيحاً.

  وفي عرف اللغة يوصف بها الكلمة والكلام والمتكلم فيقال: كلمة فصيحة وكلام فصيح ومتكلم فصيح.

  أما الكلمة فمعنى كونها فصيحة هو سلامتها من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس.

  وتنافر الحروف إما بتقارب مخارجها كما يقال: الهعخع اسماً لشجر فإن هذا الاسم يثقل النطق به لتقارب حروفه؛ لأنه من الهاء والعين والخاء ومخرجها كلها من الحلق.

  وقد يكون ثقله لتباعد مخارج حروفه كقولنا: «منظغ» مخرج الميم من الشفتين والنون من أسلة اللسان والظاء من وسطه والغين من الحلق. هكذا ذكره الإمام المهدي # في الغايات.

  ويمكن أن يقال: لا عبرة بتقارب الحروف ولا تباعدها وإنما المعتبر في ثقل الكلمة هو الذوق السليم والحس فما أحسه العارف بلغة العرب وذاقه الطبع السليم أنه ثقيل متعسر النطق به فهو متنافر سواء كان من قرب المخارج أو بعدها أو غير ذلك كذا ذكره المحققون من علماء المعاني.

  وأما الغرابة فهي ما لم يكن له معنى واضح معروف كلفظ مسرَّج في قول الشاعر:

  ومَرْسِناً مُسرَّجاً ... ......................

  والمرسن الأنف، أراد أنه كالسيف السريجي في الدقة والاستواء، أو أنه كالسراج في البريق.