شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الإشارة إلى معجزات نبيئنا محمد ÷

صفحة 380 - الجزء 2

  وأما مخالفة القياس فمثل فك الإدغام في قول الشاعر:

  الحمد لله العلي الأجلل ... ......................

  وترك الإعلال في قوله:

  وإن الذل معيوف ... ......................

  والقياس: الأجل ومعوف.

  فإذا خلصت اللفظة عن هذه الأمور الثلاثة سميت فصيحة وأما وصف الكلام بأنه فصيح فمعناه سلامته من تنافر الكلمات والتعقيد وضعف التأليف مع مطابقته للمعنى المقصود على ما هو مقرر في علم المعاني والبيان.

  وأما وصف المتكلم بأنه فصيح فمعناه أنه مقتدر على الإتيان بالكلام الفصيح.

  وأما البلاغة فلا يوصف بها الكلم المفردات فلا يقال: كلمة بليغة وإنما يوصف بها الكلام والمتكلم فيقال: كلام بليغ، ومتكلم بليغ.

  ومعنى بلاغة الكلام إيراده فصيحاً مطابقاً لمقتضى الحال من إيجاز وإطناب أو مساواة مؤكَّداً أو غير مؤكَّد، محسَّناً بأي وجوه التحسين.

  فإذا عرفت ذلك فلا شك أن ألفاظ القرآن المركبة حاصلة فيها حقيقة الفصاحة والبلاغة وذلك يعلم بالضرورة عند تتبع ألفاظه وكذلك يعلم أيضاً ضرورةً كل عالم بلغة العرب مفرغ قلبه لاستماعه ومصغي⁣(⁣١) إليه بكل لبِّه ومتدبر لعجائبه أن بلاغته قد بلغت الحد المعجز وأن مثله لا يأتي به بشر، ولما سيأتي من أن الفصحاء عجزوا عن معارضته بعد التحدي والتعجيز لهم.

  (وقيل): بل إعجاز القرآن (للإخبار بالغيب) كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}⁣[البقرة: ٢٤]، فأخبر أنهم لا يفعلون وكان كما قال.


(١) كذا في الاصل: ولعلها: (مصغ) كما في الشرح الصغير، والله أعلم.