[ذكر شبه للباطنية وغيرهم والجواب عليها]
  قالوا: وأيضاً فقلتم إن فيه المحكم والمتشابه وهذا اختلاف.
  وقالوا لعنهم الله: إن هذا القرآن شهد لنفسه بما لم يوجد فيه من مدحه بالبيان والبلاغة وحسن التفصيل والبعد عن الغي والفساد ووجدناه على غير ما وصف فإن كثيراً منه لا يعرف معناه مثل ما في أوائل السور: حم، وألم، وبعضه يتعلق على الفصيح العالم معرفة معناه ولهذا اختلف فيه العلماء الفصحاء وقالوا من أجله بأقوال متضادة نحو: الموحِّد والمثَنِّي والعدلي والجبري وغيرهم وكلهم يحتج بآياته ويأتي على قوله بمعنى يلائمه ويحتمله اللفظ فما وقع الضلال إلا بسببه واحتمال ألفاظه للضلال.
  وقالوا لعنهم الله تعالى: في القرآن: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨}[الإسراء]، فلا يخلو أن يكون تحدى بمثل حروفه وكلماته منفرداً فكل عاقل يعلم أنه كما أمكننا أن نقرأ الحمد لله إلى آخرها يمكننا قبل ذلك أن نأتي بحروفها وبالكلمات منفردة مثل: الحمد وحده، الله وحده، رب وحده، وكذلك سائرها.
  وأنا كنا نقدر أن نقول: محمد رسول الله، ونقول: حسبنا الله.
  وإما أن يكون تحدى بمثل تأليفه وتركيبه، وكل عاقل يعلم أنه داخل تحت المقدور للعرب لأن كون الكلمة بجنب الكلمة مقدور للقادر؛ لأن من قدر أن يقول: الحمد وحده، قدر أن يجعل على أثره لله، ثم كذلك إلى آخر السورة.
  قالوا: وهل تأليف الكلام إلا كتأليف الكتابة، وقد صحت القدرة على تأليف الحروف فصحت بالكتابة وصحت بالكلام لأنه ليس بأزيد من أن يجعل حرفاً بجنب حرف.
  قال العنسي |: والجواب وبالله التوفيق: أن هذه الشبه يكفي فيها جواب واحد ولهذا جمعنا بينها، وهو أن نقول: إنما أمكن هؤلاء الملحدة الطعن بهذا الركيك من الكلام لأنهم جهلوا فنون الفصاحة وقوانين البراعة في الكلام