[الخلاف في محل العقل]
  (قالوا:) أي: الفلاسفة (كَيُّ دماغِ متغيرِ العقلِ وصلاحه) أي: صلاح العقل (به) أي: بالكي وهو اللذع بالنار (دليلُ كونه) أي: العقل (فيه) أي: في الدماغ.
  (قلنا) في الرد عليهم: (له) أي: للعقل (من الدماغ مادة) أي: إمداد فيستمد العقل من الدماغ فإذا فسد الدماغ بطل الاستمداد فيضعف العقل، (فالكيُّ) للدماغ (لإصلاحها) أي: لإصلاح المادة أي: لتحصل(١) المادة بصلاح الدماغ ولذلك نظائر (ككيّ باطن العقب) أي: عقب القدم (لبعض أوجاع البطن) فإنه قد علم بالخبرة أن كي باطن العقب يزول به بعض أوجاع البطن مع افتراق محل الكي ومحل الألم، (وكاللحية) فإن (لها مادة من الذكر) أي: من المذاكير.
  قال المنصور بالله عبدالله(٢) بن حمزة # في شرح الرسالة الناصحة إن مادته من الأنثيين، ولذلك أن من جب مذاكيره أو أنثييه لم تنبت لحيته وما ذاك إلا أن لها مادة منها بحكمة الله وصنعه وتسبيبه، وإن وقع الجب بعد نبات اللحية تساقطت وضعفت.
  قال الإمام أحمد بن سليمان #: وأيضاً فإن الله سبحانه جعل اللحية دليلاً
(١) في (ب): «لتحصيل»، ولعل الصواب والله أعلم: لتصلح.
(٢) هو الإمام المنصور بالله أبو محمد عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن الإمام النفس الزكية الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أفضل السلام. دعا سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ولم يزل خافضاً بحسامه وجوه المعتدين، رافعاً ببيانه فرائض رب العالمين، حتى قبضه الله إليه في المحرم سنة أربع عشرة وستمائة، عمره اثنتان وخمسون سنة وثمانية أشهر، واثنتان وعشرون ليلة. مشهده بظفار. من مؤلفاته: كتاب الشافي أربعة أجزاء أحاط فيه بأنواع العلوم وهو أعرف من أن يوصف، ومنها: الرسالة الناصحة وشرحها، وغيرها من المؤلفات الجليلة. ومدة إمامته تسعة عشر عاماً، وتسعة أشهر وعشرون يوماً. (التحف للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار). وفي مقدمة الشافي: قد كان اجتمع في مقامه من العلماء خاصه نحو أربعمائة عالم فناظروه في جميع العلوم حتى إن عالما منهم سأله عن خمسة آلاف مسألة فأجاب عنها بأحسن جواب.