شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[شبه أخرى للملاحدة والجواب عليها]

صفحة 401 - الجزء 2

  وأن العرب كانوا أعرف وأقوى وإن كانت الملحدة أكفر وأطغى ومتى عرَّفناهم بالصانع الحكيم وأقروا بعدله وحكمته وأنه لا يجوز أن يناقض في كلامه تحققوا بطلان ظنهم ولم يشتبه التناقض في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}⁣[البقرة: ٢٩]، وقوله: {ءَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ٢٧ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ٢٨ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ٢٩ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠}⁣[النازعات].

  بل عرفوا أنه دحاها بعدما خلق لنا الأرض وأنه سوى السماء بعد خلق الأرض وقَبْل دَحوِها من غير تناقض ولا اشتباه وتحققوا حينئذ معنى قوله تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ٧٦}⁣[النساء]، وأنه لا يناقض قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ}⁣[المجادلة: ١٩]، من حيث أن من ضعف كيده أنه لا يقدر إلا على الوسوسة واستحواذه أنهم تبعوه عندها حتى صار كالمستولي عليهم وغير ذلك مثله.

  وأما قولهم إنه وقع الضلال بسبب ما فيه من الاشتباه فهو باطل بل إنما وقع الضلال باختيار المتشابه على المحكم وقد حذر منه الله العلي الأكرم.

  وأما الهذيان بالقدرة على مثل القرآن فذلك مما يكذبه العيان وتصم عن سماعه الآذان وإلا فليعارضه المعترض.

  قال العنسي: وهذه شبهة أخرى للملاحدة أقماهم الله تعالى: قالوا: لو صح أنه معجز وأنه كان حجة في زمن محمد ÷ فإنه غير مقطوع على صحة ما في أيدي الناس اليوم منه وذلك لأن الصحابة وهم النقلة له وقع بينهم من الاختلاف في سوره وآياته فبعضهم زاد وبعضهم نقص منه وبعضهم قدم وبعضهم أخر وأثبتوه في المصاحف وتلقطوه من أفواه الرجال ولم يكن كذلك في زمن محمد ÷ وحرق بعضهم على بعض مصحفه الذي جمعه وجرى بينهم هناك من التنازع ما لا يوثق معه به.