شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[النبي ÷ أتى بشريعة مبتدأة وقرر بعض الشرائع]

صفحة 413 - الجزء 2

  وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}⁣[الشورى: ١٣].

  قلت: وهذا القول إن كان المراد به أنه ÷ لم يأت إلا بما كان قد شرع قبله من الأنبياء المتقدمين ولم ينسخ فهذه دعوى لا دليل عليها ومن أين لصاحب هذا القول أن هذه الشرائع التي جاء بها ÷ كلها قد فرضت على المتقدمين.

  وإن كان المراد به أنه ÷ أتى بشرع جديد وبكل شرع متقدم لم ينسخ فهو كالقول الأول.

  (وقيل): بل (أتى) ÷ (بشريعة موسى #) لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...} الآية [المائدة: ٤٥]، ولأنه ÷ رجع إلى التوراة في رجم اليهودي.

  (قلنا): لو لم يأت بشريعة جديدة وإنما أتى بشريعة إبراهيم أو بكل شرع متقدم لم ينسخ أو بشريعة موسى لرجع إلى الكتب السالفة وأمر أمته بحفظها والعمل بما فيها والمعلوم قطعاً أنه (لم يرجع إلى الكتب السالفة إجماعاً) من الأمة فعرفنا أنه ÷ أتى بشريعة متجددة مفروضة في القرآن الكريم وفيما أوحي إليه وإن اتفقت الشرائع في حكم أو أحكام فذلك لا يقتضي أنه إنما عمل بالشرع المتقدم.

  وأما رجوعه إلى التوراة في رجم اليهودي فأراد ÷ أن يعرف اليهود لعنهم الله بأن الرجم ثابت في شريعتهم لأنهم أنكروا ذلك وكتموه، ولهذا أنكر النبي ÷ على عمر بن الخطاب اختلافه إلى مدارس اليهود ونظره في التوراة وغضب ÷ حتى احمرت وجنتاه وقال: «أما إنه لو كان أخي موسى في