شكر وتقدير:
  وذلك من غير نظر مني إلى أعالي المراتب(١) وأقوالهم الفاتقة(٢) بل بالنظر إلى ما فهمته قريحتي(٣)، وعلمته من دلالة الكتاب والسنة وسميتها (نجوم الأنظار) غالب لفظها منتزع من البحر الزخار، وغيره من مصنفات الأئمة الأبرار وأهل الإسلام فما نسبته إلى النبي ÷ أو إلى الوصي كرم الله وجهه ولم أعزه إلى من رواه من المصنفين فلا يخلو منه مجموع زيد بن علي أو العلوم أو أصول الأحكام أو الأحكام أو الشفاء أو المسائل النافعة، والطهارة والصلاة من البحر، أو نهج البلاغة، واسأل الله العظيم العصمة من الخطأ وزلة القلم وما أبريء نفسي،
  وقبل الكلام على المقصود نذكر مقدمة لا يستغنى عنها تتعلق بالتخريج(٤) وأصله، وقد رتبتها على فصول ستة:
  الفصل الأول: اعلم أنه قد تبين من صيغ اهل الجرح والتعديل من المنحرفين عن من قرنهم الله بالكتاب العزيز وطهرهم تطهيرا أن يجعلوا التشيع والمحبة لمن كان من محمد ÷ كهارون من موسى # من أعظم القوادح واشد الفواقر(٥) حتى جعلوا تفضيله على من تقدمه من المشائخ بمجرده من الغلو المذموم فيجوز عليه الرمي بالوضع والتكذيب إما تحاملا وتجاسرا بغير تثبت وإنصاف أو غضبا رجح له غضبه وشقاوته لقرينة ضعيفة نِسْبَتُه إلى ذلك(٦) فقال بمقتضاها(٧) كانه أمين الله على خلقه.
  إذا عرفت ذلك فهاهنا قاعدة من مهمات القواعد التي يحافظ عليها وينبغي تمهيدها: وهي أن محققي الأصولين(٨) ذكروا في تعارض الجرح والتعديل أن الجرح لا يخلوا إما أن يكون مطلقا غير مفسر السبب أو مقيدا ببيان سببه، فالأول(٩): غير مقبول عند المحققين لاختلاف الناس في الأسباب التي يجرح بها فقد يكون الشيء جرحا عند قوم تعديلا عند آخرين وهذا مع اتفاق المذهب، وأما مع الاختلاف في العقائد والنحل(١٠) فغير مقبول(١١) عند محققي الأصولين(١٢) إذ الاختلاف في سبب الجرح والتعديل يقضي بعدم قبول الإطلاق فيهما ولو كان من عارف.
  وأما الثاني(١٣): فلا يخلوا إما أن يعارضه تعديل جامع الشرائط المعارضة مثل أن يقول الجارح: الراوي ترك صلاة الظهر في يوم كذا في تاريخ كذا، ويقول المعدل إنه صلى تلك الصلاة في ذلك التاريخ أو إنه ذلك الوقت كان نائما أو مغلوبا على اختياره أو غير مكلف أو نحو ذلك فهذا يرجع فيه إلى الترجيح، وإما أن يعارضه توثيق غير جامع للشرائط بل عارضه بأمر عام مثل أن يقول الجارح إن الراوي كان ممن يخل بالصلاة أو يتناول المسكر ويقول المعدل إنه ثقة مأمون فلا يخلو إما أن يكون(١٤) عدالة الراوي معلومة ككبار أئمة العترة(١٥) $ فجرحهم غير مقبول للعلم بنزاهتهم عما نسبوا إليه ولو كان ذلك مقبولا لوجد الزنادقة سبيلا إلى إبطال السنن والآثار وانفتح الباب في عدول الصحابة والتابعين.
  وإما أن تكون عدالته مظنونة غير معلومة فظاهر كلام الأصولين(١٦) تقديم الجرح المفسر وقبوله، قال الوالد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير(١٧): وتعليلهم بالرجحان يقتضي أن ذلك يختلف بحسب اختلاف القرائن والأسباب المرجحة لأحد الأمرين وهو القوي عندي ولا نظر للنظار يخالفه اهـ.
(١) وهم أفراد الأئمة المطهرين سلام الله عليهم. تمت.
(٢) قال في مختار الصحاح: فتق الشيء شقه. تمت.
(٣) القريحة: أول ماء يستنبط من البئر ومنه قولهم لفلان قريحة جيدة يراد به استنباط العلم بجودة الطبع تمت مختار الصحاح.
(٤) ومعنى التخريج: إيراد الحديث من طريق أو طرق أخر تشهد بصحته ولا بد من موافقتها له لفظا أو معنى. تمت. روض.
(٥) الفواقر: جمع فاقرة وهي الداهية. تمت.
(٦) أي نسبة الرواي المتصف بالتشيع إلى الرمي بالوضع والتكذيب. تمت.
(٧) بمقتضى هذه القرينة الضعيفة. تمت.
(٨) في الروض الأصوليين. تمت.
(٩) أي غير مفسر السبب. تمت.
(١٠) النِحَل: جمع نحلة والنحلة في اللغة العطية وهو في هذا الموضع مستعار بأن جعل وصفا لمن يدعي أنه على دين وليس من أهل ذلك الدين فكان الفاعل لذلك متعاطي لذلك الدين من غيره أي متناولا له منه وليس له بل هو لذلك المعطي. تمت. من شرح الملل والنحل.
(١١) بالطريق الأولى. تمت روض.
(١٢) في الروض الأصوليين. تمت.
(١٣) المقيد ببيان سببه. تمت.
(١٤) في الروض: تكون. تمت.
(١٥) كالقاسم والهادي وزيد بن علي. تمت.
(١٦) في الروض: الأصوليين وهو الصواب. تمت.
(١٧) في الروض الباسم. تمت.