نجوم الأنظار وتخريجه مواهب الغفار،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

شكر وتقدير:

صفحة 24 - الجزء 1

  والمسئول من الإخوان إصلاح ما عثروا عليه من الزلل والفساد، وها أنا اشرع في المقصود بعون الملك المعبود.


  فنقول: لا يخلو إما أن يكون⁣(⁣١) عدالة الراوي أرجح من عدالة الجارح أو مثلها أو دونها إن كانت عدالة الراوي أرجح وأشهر من عدالة الجارح لم يقبل الجرح لأنا إنما نقبل الجرح من ثقة لرجحان صدقه على كذبه ولأجل حمله على السلامة وهنا الأمر بالعكس وفي الحمل له على السلامة إساءة الظن بمن هو خير منه و أوثق، وإما أن يكون مثله في العدالة فيجب الوقف لتعارض أمارتي صدق الجارح وكذبه فإن عدالة الجارح أمارة صدقه⁣(⁣٢) وعدالة المجروح أمارة كذبه⁣(⁣٣) وهما على سواء وليس احدهما بالحمل على السلامة أولى من الآخر، فإذا انظم⁣(⁣٤) إلى عدالة المجروح معدل كان وجها لترجيح عدالته، وأما إن كانت عدالة الراوي اضعف من عدالة الجارح فالجرح مقبول إلا أن تقضي القرائن والعادة والحال من العداوة ونحوها أن الجارح واهم أو كاذب⁣(⁣٥) فالقرائن قد يطل⁣(⁣٦) بها حديث الثقة وإن كان⁣(⁣٧) معينا مبينا والعلل العارضة بين الجارح والمجروح أكثر من العلل العارضة بين الراوي والحديث لما يقع بين الناس من العداوة والمحاسدة⁣(⁣٨) كما ذلك معروف مشهور بين أهل كل عصر وهذا مأخوذ من نصوص أئمة الحديث وعلماء الأصول.

  الفصل الثاني: اختلف في عدالة الصحابة فعند جمهور الفقهاء والمحدثين كلهم عدول مطلقا⁣(⁣٩) وما كان بينهم من الاختلاف والشقاق فمحمول على الاجتهاد، وعند أبي بكر الباقلاني هم كغيرهم⁣(⁣١٠) وذلك لما كان بينهم من المجادلات والخصومات والفتن وقدح بعضهم في بعض ومن بحث ونظر في أخبارهم وسيرهم علم ذلك قطعا، وعند واصل بن عطا وعمرو بن عبيد: كلهم عدول إلى حين ظهور الفتن بين أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه و [بين]⁣(⁣١١) معاوية لعنه الله، وأما بعدهما⁣(⁣١٢) فلا يقبل الداخلون فيها⁣(⁣١٣) لعدم تعين الفاسق⁣(⁣١٤) من الفريقين، وعند جمهور أئمتنا، وأطلقه في الفصول عن أئمتنا $ والمعتزلة: أنهم عدول إلا من ظهر فسقه ولم يتب لوجوب حمل من صح إيمانه على السلامة إلى أن يظهر فسقه وبغيه، والدليل على ذلك قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}⁣[آل عمران: ١١٠]، مخاطبا لهم في مخرج المدح والثناء عليهم، وقوله تعالى: {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}⁣[البقرة: ١٤٣] أي عدولا، وقوله تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}⁣[الفتح: ٢٩] الآية، وقوله تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}⁣[الفتح: ١٨]، وقوله تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ}⁣[الحديد: ١٩]، وقد صرح أهل العربية أن الهمزة واللام في الاسم الموصول لتعريف العهد الذهني، ومعلوم أن المعهود هنا المراد بهم الصحابة وغير ذلك مما لو تتبع أي القران لجمع في ذلك كثير، وهذه الأدلة عامة مخصصة بما ورد في حق من فسق ولم يتب كقوله تعالى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩] فأمر تعالى بقتال الباغية لخروجها عن أمره حتى تفيء عن غيها وبغيها وكل خارج عن أمره فقد جعل الله سبحانه حده القتل فهو فاسق قطعا كيف وهو لا يعلم مخالف في ذلك بل ولو خالف مخالف في ذلك لم يعبأ بخلافه فإن ذلك مكابرة وبهت هكذا ذكره السيد صلاح بن أحمد⁣(⁣١٥) ¦، =


(١) في الروض: تكون. تمت.

(٢) أي صدق الجارح. تمت.

(٣) أي كتب الجارح. تمت.

(٤) في الروض: فإن انظم. تمت.

(٥) فلا يقبل. تمت روض.

(٦) في الروض وفي مسودة المؤلف: فإن القرائن قد يعل بها. تمت.

(٧) أي حديث الثقة. تمت.

(٨) إما لاختلاف مذهب أو غيره. تمت.

(٩) من غير تقييد باستثناء. تمت.

(١٠) واختاره والدنا الهادي لدين الله الحسن بن يحيى [|]. تمت

(١١) هكذا في المسودة وفي شرح الغاية. تمت.

(١٢) في شرح الغاية وأما بعدها وهو الصواب، والضمير عائد للفتن. تمت.

(١٣) وأما الخارجون عنها [أي عن الفتن] فكغيرهم. تمت.

(١٤) عندهما أي عند واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد. تمت.

(١٥) هو صلاح بن أحمد بن المهدي بن محمد بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين # صاحب الدراري المضيئة الموصلة إلى شرح الفصول اللؤلؤية. تمت.