باب من يحرم نكاحه
  قلت(١): لا وطئ ترتب على عقد ولو باطل دخل فيه مع الجهل فانه يقتضي التحريم لخبر علي # في المجوسي الذي عقد بابنة ابنه [٥٣]، وقال به (عمران بن حصين وأبو حنيفة وسفيان الثوري والاوزاعي واحمد وإسحاق بن راهويه) وغيرهم.
  تنبيه قوله ÷ «من نظر إلى فرج امرأة وابنتها لم يجد ريح الجنة» إن حملناه على ظاهره يقضي بتحريم البنت من الزنا واختاره (الناصر والمؤيد بالله وأبو العباس الحسني ثم أحمد والحنفية)، وأما قوله ÷ «الولد للفراش وللعاهر الحجر» [٥٤] فالمراد به عدم اللحوق في النسب والتوارث والفرق ظاهر يؤيده قوله ÷ «احتجبي منه يا سودة» [٥٥] إذ تبين له الشبه بعتبة مع أنه ÷ ألحقه بزمعة، وإذ لا دليل على التحليل، والأصل في الأبضاع التحريم يؤيده عموم قوله تعالى {وَبَنَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] فليحقق الناظر(٢) والله الهادي.
  ومن نكحت في العدة جهلا فباطل إجماعا، ولها المهر على الوطء لقضاء علي # بذلك [٥٦]، وتستبرئ من الثاني بعد أن تتم الأولى لحكم علي بذلك [٥٧].
  قوله: لخبر علي # في مجوسي له ابنة ابن وله ابن ابن آخر(٣) فتزوج ابنة ابنه ثم اسلموا جميعا فخطبها ابن عمها فجاءوا إلى علي # في ذلك فقال: إن كان الجد دخل بها لم تحل لابن عمها وان كان لم يدخل بها حلت له - رواه في المجموع.
  قوله: من نظر إلى فرج امرأة - الخبر تقدم.
  قوله: قوله ÷ «الولد للفراش وللعاهر الحجر» رواه في تتمة الشفاء والأصول.
  قوله: ÷ «احتجبي منه يا سودة» الخ الحديث أشار إليه في الشفاء، ورواية القوم لفظها عن عائشة قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله ÷ فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي انه ابنه انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي فنظر رسول الله ÷ إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال: «هو أخوك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة» قال: فلم ير سودة قط - أخرجه بخاري وابوداود وأخرجه أيضا بلفظ «هو لك يا عبد» بخاري وأبو داود واحمد والنسائي وابن ماجة ومسلم، وهذه اللام هي لام الاختصاص بدلالة الرواية الأولى لا ما توهمه بعضهم أنها لام التمليك.
  قوله: لقضاء علي # بذلك
  وقوله: لحكم علي بذلك عن علي # أن رجلا تزوج امرأة في عدة من زوج كان لها ففرق بينها وبين الزوج الآخر وقضى عليه بمهرها للوطء وجعل عليها العدة منهما - رواه في المجموع، ورواه في العلوم بلفظ يفرق بينها وبين زوجها الذي تزوجته في عدتها ثم تكمل من الأول ثم تعتد من الآخر، قال في تخريج المجموع: هذا إسناد صحيح يعني إسناد العلوم على شرط مسلم والحديث في الشفاء والأصول.
(١) استدرك المؤلف على مفهوم قوله «فإنما يحرم ما كان نكاحا حلالا». تمت.
(٢) يمكن أن يقال: إن تحريم البنت من الزنا لا يعارض حديث «لا يحرم الحرام الحلال» لعمومه وخصوص هذه الصورة فيصح استعمال الحديث في جميع ما دل عليه إلا في نكاح البنت من الزنا، وكذلك يحمل أيضا ما روي عن علي # لا يحرم حرام حلالا - الخ على ما عدا البنت من الزنا لقوله تعالى {وَبَناتُكُمْ}[النساء: ٢٣]، مع أنه قد روى في المجموع عنه # ما يعارضه، وهو عن علي # في مجوسي له ابنة ابن وله ابن ابن آخر فتزوج ابنة ابنه ثم أسلموا جميعا فخطبها ابن عمها فجاءوا إلى علي # في ذلك، فقال: إن كان الجد دخل بها لم تحل لابن عمها وإن كان لم يدخل بها حلت له - قال في الروض: فالأولى أن يقال إن لعلي # في ذلك قولين اهـ، وأما حديث عائشة أنه سئل ÷ عن الرجل يتبع المرأة حراما أينكح ابنتها؟ أو يتبع البنت حراما أينكح أمها؟ فقال: «لا يحرم الحرام الحلال» الخبر ففي سنده [الزهري] وهو غير مقبول الرواية عند أئمتنا $. تمت.
(٣) في الأصل: أخ، والصواب ما أثبتناه من المجموع. تمت.