باب الخلع
باب الخلع(١)
  إذا كرهت المرأة خلق زوجها أو خلقه أو دينه أو خافت أن لا تؤدي حقه فافتدت بشيء من مالها جاز، وله أخذه إجماعا لقوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩]. ولما روي من أن امرأة ثابت أحبت فراقه لأنه كان دميما(٢) [٥٣].
  فإن كان بالتراضي من غير كراهة ولا نشوز منها ولا خوف لم يصح لقوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}[البقرة: ٢٢٩]، وقوله تعالى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}[النساء: ١٩]، وقوله {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}[النساء: ٢٠]، وقول علي # لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله وذلك أن تقول المرأة لزوجها لا أقيم لك حدود الله = إلى قوله = فإذا فعلت ذلك حلت الفدية.
  فإن قيل فما قولك في قوله تعالى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء: ٤] والأصل عدم النسخ.
  قلت: التحليل هنا عام في حال الزوجية وبعدها مخصوص بما إذا كان مفاداة ولم يكن منها نشوز ولا خوف للآيات وحديث علي #؛ فإن حصل ذلك من غير نشوز ولا خوف لم يكن خلعا بل رجعيا، وهو قول (القاسم والهادي والناصر والمنصور بالله)، قال في المغني(٣): وهو الظاهر من قول العترة سوى (المؤيد بالله) اهـ.
[باب الخلع]
  قوله: امرأة ثابت الخ عن ابن عباس أن جميلة بنت عبد الله بن أبي [بن] سلول أتت النبي ÷ فقالت: والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق واني لأكره الكفر في الإسلام لا اطيقه بغضا فقال النبي ÷: «أتردين له حديقته»؟ فقالت: نعم، فامره النبي ÷ أن ياخذ منها ما ساق لها ولا يزداد - رواه في الأصول وتتمة الشفاء وأخرجه ابن ماجة من طريق [أزهر بن مروان] وهو صدوق مستقيم الحديث، وبقية إسناده من رجال البخاري، وأخرجه البيهقي والنسائي اهـ، وسبب البغض هو والله اعلم انه كان دميما - كما وقع في رواية ابن عباس عند عبد الرزاق وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في العلوم وعند ابن ماجة.
  قوله: وقول علي لا يحل لكم أن تأخذوا الخ تقدم في الحيض.
(١) الخلع: مأخوذ من خلع اللباس إذ كل واحد منهما لباس لصاحبه للآية. تمت بحر.
(٢) قال في النهاية: الدمامة بالفتح القصر والقبح، ورجل دميم. تمت.
(٣) المغني في فقه الناصر للشيخ علي بن ميمرد الديلمي. تمت.