باب ما يحرم بيعه وما يجوز وما يصح وما لا
  وأما حديث ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله ÷ فقال: «اعتقها ولدها»، ونحوه من الأحاديث والآثار [٤٧]، فلا تقوى على معارضة حديث جابر لما فيها من المقالات والاحتمالات؛ ومع صحة شيء من ذلك فيوجه ذلك على انه كان محظورا ثم نسخ إلى الإباحة لما في المجموع كان علي يجيز بيع أمهات الأولاد [٤٨]، ونحوه [٤٩]. وقوله # حجة واجبة الإتباع إذ هو اعرف بآخر الأمرين من الرسول ÷، وأما قول (القاسم واحمد بن عيسى) كيف لنا بصحة ذلك عن علي #. فلا يخفى أن ترددهما ليس بقادح في ثبوت الرواية عن علي بنقل العدول الضابطين لذالك عنه #، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ؛ وأما دعوى الإجماع فهي مجازفة ظاهرة، وكيف يصح الاحتجاج بمثل ذلك والخلاف مازال منذ أيام الصحابة إلى الآن؛ (الإمام زيد والباقر والصادق) وإنما يجوز بيعها في حياة سيدها، فإن مات ولها منه ولد باق عتقت لقول علي إذا مات سيدها ولها منه ولد فهي حرة من نصيبه لان الولد قد ملك منها شقصا وان كان لا ولد لها بيعت.
  قوله: ذكرت أم إبراهيم عن ابن عباس قال: ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله ÷ فقال: «اعتقها ولدها» رواه في الأصول والشفاء وأخرجه ابن ماجة والدار قطني وفي إسناده [الحسين بن عبد الله الهاشمي] قالوا: ضعيف جدا قال البيهقي: وروي عن ابن عباس من (قوله) وأخرجه من رواية [ابن لهيعة] عن عبيد الله بن جعفر أن رسول الله ÷ قال لام إبراهيم: «أعتقك ولدك»، قلت: الحسين بن عبد الله وعبد الله بن لهيعة من محدثي أصحابنا ثقتان ولا يضر ما قيل فيهما إن ثبت غيرهما في السندين، وفي الباب عن ابن عمر عند الدار قطني والبيهقي وقالا: الصحيح وقفه على ابن عمر، وكذا قال عبد الحق، وقال صاحب الإلمام: المعروف فيه الوقف والذي رفعه ثقة، قيل ولا يصح مسندا، وعن ابن عباس أيضا في الأصول والشفاء وعند أحمد وابن ماجة والحاكم والبيهقي، وفي إسناده الحسين بن عبدالله، قلت: هو ثقة، ورجح جماعة وقفه على عمر وعن خوات بن جبير في الأصول، وعن علي أيضا في الأصول، قلت: لعل هذه الرواية في الأصول أخذت من رواية السلماني، ولعل ذالك إجبارا من عمر له # كما دل عليه كلام جابر، وكما أجبره على أعظم من ذلك مع أن ابن قدامة ذكر في الكافي أن عليا لم يرجع رجوعا صريحا إنما قال لعبيدة [السلماني] وشريح: اقضوا كما كنتم تقضون فاني اكره الخلاف، وهذا واضح في انه لم يرجع عن اجتهاده وإنما أذن لهم أن يقضوا باجتهادهم الموافق لرأي من تقدم، قال ابن قدامة: وقد روى صالح عن أحمد انه قال: أكره بيعهن وقد باع علي بن أبي طالب - اهـ، قلت: فإن قيل إن إقرار علي للحكمين أن يحكما برأي عمر - يدل على أن عليا لم يكن يسمع من رسول الله ÷ شيء في جواز بيعهن كما ادعيتم، وإنما هو رأي رآه من نفسه لا مستند له فيه، قلت: ليس كما توهمت إنما اقرهما لعدم تمكنه من إمضاء كثير من الأحكام الشرعية التي غيرها من سبقه، ولو غير لكثر عليه الخلاف، قال في الشفاء: وعن علي # انه قال: لو ثنيت لي الوسادة لقد غيرت أشياء -، قال المنصور بالله: فدل ذلك على انه كان يغضي على أشياء يريد تغييرها مخافة تكثير جمع العدو اهـ، ألا ترى انه لما ساوى في العطاء بين المسلمين كما ساوى فيه رسول الله ÷ وأبو بكر خرج عليه طلحة والزبير ومن معهما -، وهو أول يوم نصبت فيه الراية على آل رسول الله، فترك الأمر لهما وأمضاهما على ما عهدا خوفا من مثل ذلك، وألا ترى إلى قول السلماني: رأيك ورأي عمر في جماعة أحب إلي من رأيك وحدك، والله الإمام محمد بن المطهر حيث قال: الأمر أوضح من أن يقوم كلام عبيدة وجها في كلام أمير المؤمنين إلى أن قال: لما أورد حديث ابن عباس، قلت: كلام أمير المؤمنين أولى بالأتباع هذا ما سنح والله الهادي.
  قوله: لما في المجموع عن علي انه كان يجيز بيع أمهات الأولاد وكان يقول: إذا مات سيدها ولها منه ولد فهي حرة من نصيبه لأن الولد قد ملك منها شقصا وان كان لا ولد لها بيعت - اهـ.
  قوله: ونحوه عن علي أن رجلا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين إن لي امة قد ولدت مني أفاهبها لأخي قال #: نعم، فوهبها لأخيه فوطئها فأولدها ثم أتاه الآخر فقال: يا أمير المؤمنين أهبها لأخ لي آخر قال #: نعم، فوطئها الكل منهم فأولدوها وهم ثلاثة - هكذا في المجموع ورواه في الأصول.