باب ما يحرم بيعه وما يجوز وما يصح وما لا
  (الإمام زيد والعترة والإمام ثم سفيان الثوري والاوزاعي والشعبي والحسن البصري وابن سيرين ثم أبو حنيفة وأصحابه) ويصح بيع الغائب وان لم يكن قد رأه أيهما، ولم ينقل عن احد من العترة خلافه فجرى مجرى الإجماع. ويشهد لصحة هذه الجملة ما في العلوم عن علي # انه باع جملا بجملين فقال له صاحبه: ادفع إلي جملي فقال: لا تفارق يدي خطامه أو تأتيني ببعيرين [٨٦] وما عند بخاري أن (ابن عمر) باع من (عثمان) وهما في داره مالا بالوادي بمال له بخيبر ولم ينكر [٨٧]، يؤيد ذلك عموم {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥]، (الإمام زيد والهادي) وله الخيار إذا رأه لحكم جبير به ولم ينكر [٨٨]: وأما التمسك بقوله ÷ «لا تبع ما ليس عندك» فهذا وارد في بيع ما لم يملك بدلالة حديث حكيم عند الخمسة يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي ما أبيعه منه ثم ابتاعه من السوق فقال: «لا تبع ما ليس عندك» [٨٩]، ويدل على ذلك معنى - عند -، قال الرضي: إنها تستعمل في الحاضر القريب وما هو في حوزتك وان كان بعيدا اهـ، وقال تعالى {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ}[النحل: ٩٦].
  قوله: ما في العلوم عن ابن المسيب قال: باع علي جملا بجملين فقال له صاحبه: ادفع إلي جملي، فقال: لا تفارق يدي خطامه أو تأتيني ببعيرين - اهـ.
  قوله: وما عند بخاري عن ابن عمر قال: بعت من عثمان مالا بالوادي بمال له بخيبر فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشيت أن يترادني البيع - اهـ و المراد بقوله الوادي وادي القرى.
  قوله: لحكم جبير به في الأصول ما لفظه عن عثمان أنه باع مالا له وهو بالكوفة من طلحة بن عبيدالله فقال طلحة: لي الخيار لأني اشتريت ما لم أره وقال عثمان: لي الخيار لأني بعت ما لم أره فحكما جبير بن مطعم فقضى بالخيار لطلحة فأجمع هؤلاء الثلاثة على انه يجوز للإنسان شراء ما لم يره ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة فجرى مجرى الإجماع - اهـ وذكره في الشفاء واخرج البيهقي والطحاوي مثله واخرج البيهقي بسنده إلى ابن المسيب قال: قال أصحاب رسول الله ÷: وددنا أن عثمان وعبد الرحمن بن عوف تبايعا حتى ننظر أيهما أعظم جدا في التجارة فاشترى عبد الرحمن من عثمان فرسا بارض أخرى بأربعين ألف درهم أو نحو ذلك إن أدركتها الصفقة وهي سالمة ثم أجاز قليلا فرجع فقال: أزيدك ستة آلاف درهم إن وجدها رسولي سالمة فقال: نعم فوجدها رسول عبدالرحمن قد هلكت اهـ، وفي الباب عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال: «من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وان شاء تركه» رواه في الشفاء وأخرجه البيهقي والدار قطني وقالا: المعروف أن هذا من كلام ابن سيرين وفيه [إبراهيم الكردي] قال الدار قطني: يضع الحديث وروايته هذه باطلة ونقل النووي اتفاق الحفاظ على تضعيفه، قلت: واخرج سعيد بن منصور عن مكحول عن النبي ÷ قال: «من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وان شاء تركه» وفيه [أبو بكر بن أبي مريم] قال الدار قطني وغيره: ضعيف، قلت: اسمه بكير أو عبد السلام اخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة وسمع عن مكحول وخالد بن معدان وعنه خالد بن معدان وبقية.
  قوله: حديث حكيم بن حزام قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي ما أبيعه منه ثم ابتاعه من السوق فقال: «لا تبع ما ليس عندك» أخرجه الخمسة أحمد والترمذي والنسائي وابوداود وابن ماجة، وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه وقال الترمذي: حسن صحيح وفي بعض طرقه [عبدالله بن عصمة] زعم عبد الحق أنه ضعيف جدا ولم يتعقبه ابن القطان بل نقل عن ابن حزم انه مجهول قال ابن حجر: وهو جرح مردود فقد روى عنه ذلك ثلاثة كما في التلخيص وقد احتج به النسائي.