كتاب الوقف
  وقد يكون بيعها انفع في بعض الأحوال للوارث، على انه لم يرد على الوقف للوارث [فقط](١) دليل واضح، مع قوله ÷ «انك إن تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس» [١٠]، ومع صحة الوقف لم يكونوا به أغنياء لخروجه عن ملكهم فلم يمكنهم بيعه عند الحاجة، قلت: ولأن من نظر إلى صفة وقف الوصي علم انه لا يصح إلا ما كان على وَفقه وإلا رد لقوله ÷ «لا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة»، و «ما كان على غير أمرنا فهو رد» وهذا لم يصب السنة التي بينها المبين عن رسول الله ÷ قال تعالى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ}[المائدة: ١٠٣] الآية.
  ويصح الشرط، والاستثناء في الوقف لفعل الوصي إذ القصد إخراجها من ملكه لله تعالى ولا يضر بعد ذلك ما استثناه، أو شرطه.
  (الإمام يحيى والإمام) ومن وقف أرضا عن مظلمة واستثنى غلتها لم يصح، وأختاره (الإمام أحمد بن الحسين والإمام محمد بن المطهر والإمام علي بن محمد) قالوا: لأن ذلك تحكم على الله فيباع الوقف، ويصرف ثمنه عن الواجب لأنه مطالب بإخراجها على الفور، قيل: - وقد أفتى به سبعون مجتهدا.
  (الإمام زيد والناصر والمؤيد بالله والإمام عزالدين والإمام ثم الفريقان) ولا يصح عن الواجب كالزكاة لذلك، ولكونه على خلاف ما شرع.
  (الإمام) ولو قال: وقفت جميع ارضي وقصده استغراقها صح، وإن قصد التي يعلمها معتقدا انه لا يملك غيرها ثم انكشف انه يملك غيرها لم يتناول الغير لأن الأعمال بالنيات.
  (المؤيد بالله والإمام يحيى والإمام) ويصح الوقف على الوقف لأن ذلك قربة لكونه لله تعالى، ويصرف في إصلاحه.
  (الجمهور) ومن وقف على أولاده وأولادهم عم أولاد البنات لقوله ÷ «هذان ابناي» عند الترمذي [١١]، وقوله «وأما أنت يا علي فخَتَنِي(٢) وأبو ولدي» عند أحمد [١٢]، (الإمام) وكذا لو وقف على نسله، أو عقبه، أو ذريته فإنه يدخل فيه أولاد البنات والبنين ما تناسلوا إلا لعرف، ....
  قوله: ÷ «انك إن تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس» هذا طرف حديث رواه في الشفاء وسيأتي إنشاء الله تعالى في الوصايا.
  قوله: «لا قول ولا عمل ... «وقوله» ما كان على غير أمرنا ..» تقدما.
  قوله: لفعل الوصي - هو ما مر في رواية العلوم.
  قوله: هذان ابناي عن أسامة بن زيد أن النبي ÷ قال وحسن وحسين على وركيه: «هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
  قوله: أما أنت الخ وعن أسامة أيضا أن النبي ÷ قال لعلي: «وأما أنت يا علي فختني وأبو ولدي» أخرجه أحمد، وعن عمر يرفعه «كل ولد أم فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فأنا أبوهم وعصبتهم» أخرجه الطبراني، وعن ابن عباس عند الخطيب بنحوه، وعن جابر عند الطبراني بنحوه؛ وفي الباب أحاديث كثيرة
(١) ما أثبتناه موجود في المسائل النافعة وضياء ذوي الأبصار. تمت.
(٢) قال في النهاية: ومنه الحديث علي ختنُ رسول الله ÷ أي زوج ابنته -. تمت.