كتاب الشهادات
  فإن بين الجارح السبب كان جرحا إجماعا، وإذا فصل الحاكم وسلم المال لم يسمع جرح الجارح عند (عامة أهل البيت $ ثم أبي حنيفة وأصحابه والشافعي)، ولا خلاف أن المعدل إذا رجع قبل أن يحكم الحاكم لم يكن له أن يحكم بشهادة المعدَّل، وأجمع العلماء أن الجرح على الجرح والحجة على الحجةِ ما كان قبل الحكم وتسليم المال.
  فصل «١٢» (ابوجعفر) ولو شهد أن المدعى عليه لم يفعل كذا أو أن هذا لم يكن لم تقبل إجماعا، ولا خلاف أن المدعى عليه لو أقام البينة أن المدعي استأجر الشهود لم تقبل بينته لأنها بينة على النفي وهو إبطال شهادتهما وأمور المسلمين محمولة على الصحة، ولا تقبل شهادة الوكيل(١) فيما وكل فيه قبل العزل إجماعا والقول بجواز شهادته بعد أن خاصم ثم عزل مخالف للإجماع(٢).
  (المهدي) وتصح من المنهي عن الأداء(٣) إجماعا إلا عن (ابن عباس)؛ لنا «.. فاشهد» ولم يفصل. (ابوجعفر) وإذا تحمل الشهادة في صباه فأداها في حال بلوغه، أو في فسقه فأداها في حال التوبة والعدالة، أوفي كفره وأداها في حال الإسلام جازت بلا خلاف، ولا يجوز للشاهد أن يشهد إلا بما يعلم أنه حق ثابت ليس بباطل إجماعا، ولا يشهد إلا بما يتميز عينا أو حدا إجماعا، ويعلم المشهود له بعينه إجماعا، ويصح وإن لم يعلم المشهود عليه إجماعا نحو هذا لفلان المشهود له.
  (ابوجعفر) ولا خلاف أن الحاكم لا يبيع على المطلوب ماله إذا كان يؤدي إلى تلف نفسه أو عياله أو انكشاف عورته أو عورتهم لأن ذلك محظور، ولا تقبل شهادة رجلين أن عند زيد لهما ولهذا دينارا إجماعا، أو شهدا أنه أبرأنا وأبرى هذا إجماعا، وليس للحاكم أن يناقش الشاهد ويقول بماذا علمت إجماعا، وإذا شهد الشاهد بخط(٤) كانت شهادته باطلة عند (السادة والفريقين)، ولا تقبل شهادة القاضي المعزول لفسق أو لمعنى غيره للمقضي له عند (السادة وأكثر الفقهاء) إلا إذا أقام المقضي بينة سواه أنه حكم له قبل العزل وأنه كان نافذ الحكم، وكذا اتفقوا أنه لا حكم لما يوجد في ديوانه(٥) بعد موته أو عزله.
(١) قال الشرفي: قلت لأنها كشهادة الإنسان لنفسه. تمت.
(٢) ينظر ففي البحر: عن المؤيد بالله والإمام يحيى وداود وأبوثور والوافي زالت التهمة بالعزل فيقبل مطلقا. تمت.
(٣) فلو قال رجل لآخر: لا تشهد علي فيما سمعته مني فسمع منه إقرارا بحق للغير جاز أن يشهد به، وكذا لو قال رجل لرجل: توسط بيني وبين خصمي ولا تشهد علينا بما تسمع من إقرارنا فسمع أحدهما أقر بحق للآخر جاز أن يشهد به. تمت شرح أزهار.
(٤) لفظ البحر: فرع (العترة والفريقان) ولو عرف خط غيره بإقرار بحق لم يشهد به، (مالك) يجوز، قلنا: يحتمل التزوير فلا يقين. تمت.
(٥) الديوان: أوراق مجتمعة فيها كتابة الأمور التي يراد ضبطها. ذكره الدواري، وقال الذويد: هو ما يجمع فيه الأوراق. تمت غاية ومن حاشية البحر.