باب جنايات الآدميين
  قلت: وإذا خشي الحاضر من التأني للغائب فوت حق الجميع من القود، والدية الشرعية، وله ظن غالب أن الغائب راض بالإستيفاء من القاتل مع هذه العلة جازله الإستيفاء لقوله تعالى {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: ٣٣] وهذا ولي، والآية لم تفصل، ولولي الصغار مثل ذلك إن خشي من التأني فوت الحق، ومصلحتهم في استيفاء القصاص لتمرد القاتل، وكالكبير من الأولاد.
  (الأمير الحسين) وعند أئمتنا أن رجلا لو راود امرأة على الفجور بها، ولم تتمكن من دفعه عن نفسها إلا بقتله فقتلته فلا قود عليها ولا دية، ووجه ذلك أن ما حاوله منكر وإزالته واجبة فإذا لم يزل إلا بقتل فاعله جاز ذلك وهو إجماع إذا كان الفاعل بالغا عاقلا.
  (ابوطالب والإمام) وللمرء قتل من وجد مع زوجته حال الفعل(١) لإفتاء علي بذلك [٣٣]، قلت: والله أعلم بالصحة، قيل(٢) وإن قتله في داره وبين أنه وجده مع امرأته، أو يسرق ولم يندفع إلا بذلك لم يلزمه شيء وفاقا، ويكفي في ذلك رجل وامرأتان إذ لا قذف(٣)، فإن قذفا بطلت شهادتهما، وأقيد به إلا أن يكونوا أربعة.
  (العترة ثم الفريقان) ومن عض يدا فانتزعت سنه بنزع المعضوض يده هدرت لقضاء علي بذلك [٣٤].
  فصل «٤» ويجب القصاص والدية معا على التخيير لما مر، (المهدي) فإن قال عفوت عن القود والدية سقطا إجماعا.
  فصل «٥» وعن أمير المؤمنين انه قال: الخطأ ما أراد القاتل غيره فأخطأه فقتله -، وقال: عمد الصبي وخطأه سواء -، وقال: شبه العمد قتل الحجر والعصا -، وروي أن المسلمين قتلوا أبا حذيفة أحد ظنوه مشركا فأوجب فيه النبي ÷ الدية [٣٥].
  (المهدي) ولا قود في الخطأ إجماعا لقوله تعالى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً}[النساء: ٩٢].
  قوله: لإفتاء علي # بذلك عن علي # في من وجد مع امرأته رجلا يزني بها فقتله فلا شيء عليه إذا أتى باربعة شهداء - رواه في الغيث، وفي الشفاء فأفتى علي # بأنه لا شيء عليه بعد أن قال فيه: أن معاوية كتب إلى أبي موسى يسأل عليا # سرا عن من رأى مع امرأته رجلا يزني بها فقتله وأتى بأربعة شهود يشهدون على ذلك - وأخرجه في الموطا عن ابن المسيب.
  قوله: لقضاء علي # بذلك عن علي # أن رجلا عض يد رجل فانتزع يده من فيه فسقطت ثنيتاه فلم يجعل عليه شيئا وقال: أيترك يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل - رواه في المجموع والأصول والشفاء، وعن النبي ÷ أنه سئل عن رجل عض يد رجل ظلما فانتزع المعضوض يده من فيه فقلع شيئا(٤) من أسنانه فقال: «أيدع يده في فيه(٥) يقضمها كأنها في فم فحل» ولم يقض فيها بشيء - رواه في الأصول، وأخرج أحمد وبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي من حديث عمران مثل قول علي #.
  قوله: وروي أن المسلمين أحد أبا حذيفة ظنوه مشركا فأوجب فيه النبي ÷ الدية - رواه في الشفاء.
(١) لا بعده. تمت بحر وأزهار.
(٢) التذكرة وشرحها. تمت.
(٣) لفظ حاشية على شرح الازهار: فإن ادعى أنه لم يندفع عن الزنا أو السرق إلا بالقتل بيّن بشاهدين، أو بيّن برجل وامراتين اهـ، وإن ادعى أنه وجده يزني بيّن باربعة ذكور أصول اهـ بيان، وإذا بين فلا شيء عليه وفاقا ذكره أبوطالب. تمت بيان.
(٤) في الأصول فقلع سنا. تمت.
(٥) في الأصول في فيك تقضمها. تمت.