النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

[افعالها واقسامها]

صفحة 1042 - الجزء 2

  اختلف النحاة في (كاد) إذا دخل عليها النفي على ثلاثة مذاهب:

  الأول قوله: (وقيل يكون للإثبات) يعني يكون نفيها إثباتا، وإثباتها نفيا سواء كان بلفظ الماضي أو المضارع، واحتجوا في الماضي بقول العرب: (كاد النعام يطير)⁣(⁣١) والمعنى أنه لم يطر، وبقوله تعالى: {وَما كادُوا يَفْعَلُونَ}⁣(⁣٢) وقد فعلوا، وفي المضارع بقوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها}⁣(⁣٣) والمعنى لا أخفيها، وبما روي أن ذا الرمة لما قدم الكوفة وأنشد قصيدته الحائية فقال:

  [٦٩٩] إذا غير الهجر المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب ميّة يبرح⁣(⁣٤)

  ناداه ابن شبرمة أراه قد برّح فشنق ناقته وجعل يفكر ثم قال:

  إذا غير الهجر المحبين لم أجد ... - ...

  فقبل الاعتراض، وما كان في ذلك الجمع من الفصحاء سكتوا


(١) ينظر المثل في مجمع الأمثال للميداني ٢/ ١٦٢.

(٢) البقرة ٢/ ٧١ وتمامها: {... قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ}

(٣) طه ٢٠/ ١٥ وتمامها: {... لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى}

(٤) البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ١١٩٢، ينظر المفصل ٢٣١، وشرح المفصل ٧/ ١٢٤، وشرح التسهيل السفر الأول ٢/ ٥٤٦، وشرح المصنف ١١٥، وشرح الرضي ٢/ ٣٠٦، والمقاصد النحوية ٣/ ٣٧٨، واللسان مادة (رسس) ٣/ ١٦٤١، والأشموني ١/ ٦٨، والخزانة ٤/ ٧٤.

ويروى النأي بدل الهجر، والرسيس: الشيء الثابت الذي لزم مكانه.

والشاهد فيه قوله: (لم يكد يبرح) حيث دخل النفي على يكد والتي قلبت معناها إلى المضي بلم، وإذا سبق كاد بالنفي أفاد الإثبات، وما ذهب إليه ذو الرمة صحيح بليغ كما قال في شرح الأشموني ١/ ١٣٤).