النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

[جواز العطف وشروطها]

صفحة 1126 - الجزء 2

  قوله: (خلافا للكوفيين)⁣(⁣١)، يعني فإنهم أجازوا العطف على المحل مع تأخر الخبر لفظا وتقديرا، نحو: (إن زيدا وعمرو ذاهبان)، واحتجوا بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}⁣(⁣٢). ورووا بالرفع في {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}⁣(⁣٣). وقال البصريون:⁣(⁣٤) (الصائبون والنصارى) مبتدأ محذوف الخبر لسد خبر (إن) مسده، والواو اعتراضية لا عاطفة، وأما رفع الملائكة فهي قراءة محمد بن سليمان الهاشمي⁣(⁣٥)، وقد روي أن الأخفش⁣(⁣٦) سار إليه، وقال: هذا لحن فأعطاه وحباه، وهذا يحتمل أن يكون رجوعا واعترافا، وأما ما رووه عن العرب فشاذ⁣(⁣٧)، ووجه المنع عند البصريين أنه يؤدي إلى معمول بين عاملين، لأن ذاهبان خبر عن زيد، وهو معمول ل (أن) وعن عمرو وهو معمول للابتداء، فيلزم عملان والابتداء في ذاهبان، ومعمول بين عاملين لا يصح وهذا لا


(١) ينظر الإنصاف مسألة رقم ٢٣، ١/ ١٨٥، وشرح المصنف ١٢٤، وشرح المفصل لابن يعيش ٨/ ٦٩، وشرح الرضي ٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥.

(٢) المائدة ٥/ ٦٩.

(٣) الأحزاب ٣٣/ ٥٦ قرأ الجمهور (ملائكته) نصبا، وابن عباس وعبد الوارث عن أبي عمرو رفعا. فعند الكوفيين - غير الفراء - هو عطف على موضع اسم إن، والفراء يشترط خفاء اعراب اسم إن ينظر البحر المحيط ٣/ ٥٤١، وفتح القدير ٤/ ٣٠٠.

(٤) ينظر البحر المحيط ٣/ ٥٤١.

(٥) لم أجد ترجمة له فيما اطلعت عليه من كتب التراجم.

(٦) ينظر شرح المفصل ٨/ ٦٩.

(٧) وهو قولهم: (إنهم أجمعون ذاهبون). قال ابن يعيش في ٨/ ٦٩ (كأنه أخذ في الجواب عن شبه تعلق بها الخصم، فأما قولهم أنهم أجمعون ذاهبون، فشاهد للزجاج في جواز حمل النعت على موضع إن، لأن التأكيد والنعت مجراهما واحد، وقولهم: إنك وزيد ذاهبان، فشاهد لمذهب الكوفيين في جواز حمل العطف على موضع إن قبل الخبر وكذلك الآية فحمل سيبويه قولهم إنهم أجمعون ذاهبون على أنه غلط من العرب ...) وينظر شرح التسهيل لابن مالك السفر الأول ٢/ ٦١٣ - ٦١٤.