[المرفوعات]
  أفصح(١)، فأجاب البصريون(٢) بأنه ليس من التنازع لفساد المعنى، لأنا لو وجهنا الفعل إلى شيء واحد لفسد المعنى، لأن لو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره، فإذا كان بعدها مثبت كان منفيا في المعنى، وإن كان منفيا كان مثبتا في المعنى لأنها تدل على امتناعه، وامتناع النفي إثبات، فقوله (لو أنما أسعى لأدنى معيشة) بمعنى ما سعيت لأدنى معيشة لأن (لو) دخلت على إنما أسعى، وهو مثبت، وقوله: (ولم أطلب) بمعنى طلبت قليلا من المال) لأن الواو عاطفة ل (لم) على (لو) وهي للنفي، وإذا دخلت (لو) على ما كان إثباتا، فيصير الكلام: (ما سعيت لأدنى معيشة، وطلبت قليلا من المال) والمعلوم أن من سعى لأدنى معيشة فقد طلب قليلا من المال، فيصير الكلام منفيا مثبتا في حالة واحدة وهو لا يصح، فإذا أدى إلى ذلك خرج عن باب التنازع، وقدر لقوله: (ولم أطلب) مفعولا آخر تقديره: ملكا، أو مجدا، يدلّ عليه البيت الثاني:
  [٩٢] ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي(٣)
  وقال بعضهم: يقدر (ولم أطلب الكثير) وقيل يقدر (ولم أطلب قليلا
(١) ينظر شرح المصنف ٢٢، وتذكرة النحاة ٣٤١.
(٢) ينظر المصادر السابقة.
(٣) البيت من البحر الطويل وهو لامرئ القيس كما في ديوانه ٣٩، وينظر شرح أبيات سيبويه ١/ ٣٧، وشرح شواهد الإيضاح ٩٢، والإنصاف ١/ ٨٤، والإيضاح في شرح المفصل ١/ ٧٠، والرضي ١/ ٨٢، ورصف المباني ٣٨٥، ومغني اللبيب ٣٣٨، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٤٢، وتذكرة النحاة ٣٤٠، والهمع ٢/ ١٩٠.
والشاهد جاء تفسيرا لغاية الشاعر من البيت الذي سبقه قال أبو حيان: (لأنه يكون قد نفى السعي لأدنى معيشة وأثبت طلب الملك وهذا معنى مستقيم ويؤكد أن المطلوب عنده الملك).