المنصوبات
  قوله: (مثل «هذا بسرا أطيب منه رطبا»)(١) يعني أن بسرا ورطبا حالان، وهما غير مشتقين، والجمهور يتأولونهما ويتأولون(٢) كل ما ورد مما لم يكن مشتقا بالمشتق، فيقولون: (هذا مبسرا أطيب منه مرطبا)(٣) و {هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}(٤) أي (دالة)، قال الوالد جمال الإسلام: وتقرر عندي أن الخلاف لفظي لأنه لا يدل على هيئة حتى يقدر بالمشتق واختلف، ما العامل في بسر ورطبا؟ فقال الفارسي:(٥) وأتباعه: العامل في الأول اسم الإشارة، وفي الثاني أفعل التفضيل ولا يعمل أفعل التفضيل فيهما معا لأنه لا يتقدم معموله عليه ولا نسبته إليهما نسبة واحد، فيلزم تفضيل الشيء على نفسه، وأجيب بأن الحال مشبهة بالظرف وهي تعمل فيه روائح الأفعال، وأنه عمل في الحال الأول باعتبار زيادة الفعل وفي الثاني باعتبار المصدر، واعترض ابن الحاجب(٦) الفارسي بأنه قد يعمل فيهما اتفاقا، حيث لا يكون ثمّ إشارة نحو: (نخلتي بسرا أطيب منه رطبا) وبأنه لو كان العامل في الأول الإشارة لم تفد الخبر، وهو أطيب، بدليل (هذا زيد واقفا) فإنه غير مفيد حال الإشارة، وإلا لزم أن يكون غير زيد في حال القيام وذلك فاسد، وإذا لم يقيد أطيب بالحالية بطلت
(١) ينظر شرح المصنف ٤٠ - ٤١.
(٢) هذا توجيه النحاة في هذه المسألة.
(٣) هذه العبارة منقولة من الرضي دون إسناد إليه ١/ ٢٠٧.
(٤) الأعراف ٧/ ٧٣ وتمام معناها: {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ...}.
(٥) ينظر رأي أبي علي في المقتصد في شرح الإيضاح ١/ ٦٨١.
(٦) ينظر شرح المصنف ٤١، وشرح الرضي ١/ ٢٠٨ - ٢٠٩.