النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

الكلمة والكلام

صفحة 64 - الجزء 1

  ويعبر بها عن عيسى #، قال تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ}⁣(⁣١) ويعبر بها عن الكلام، كقوله: «الكلمة الطيبة صدقه»⁣(⁣٢).

  وأما الاصطلاح: فما ذكره المصنف⁣(⁣٣) وهو: (لفظ وضع لمعنى مفرد) فقوله: (لفظ) جنس الحدّ يدخل فيه المهمل والمستعمل، وخرجت الخطوط والإشارات والعقود والنصب، فإنها وإن دلت على معنى فليست بلفظ، وقوله: (وضع)، خرج ما كان بالطبع كقول الساعل: أح، والنائم أخ، قوله (لمعنى) خرجت المهملات نحو: كادث، وما دث، وديز مقلوب زيد، (مفردا) احتراز من المركب، نحو (قام زيد)، و (زيد قام)، وسائر التراكيب، ويجوز في (مفرد) الرفع والجر، فالرفع صفة للفظ، والجر صفة للمعنى، لكن الرفع ضعيف للفصل بين الصفة والموصوف، ولأنه يرد عليه نحو: عبد اللّه⁣(⁣٤) مسمى به، فهو لفظ مركب وضع لمعنى مفرد، ومعرفة هذه الحقيقة موقوفة


= ديوانه ٢٥٦، ينظر الخزانة ٤/ ٢٥٥، ٢٥٧، والمغني ١٧٦، وشرح شذور الذهب ٢٨٢، واللسان مادة (رجز) ٣/ ١٥٨٨.

الشاهد فيه: قوله: (ما خلا اللّه) حيث نصب اسم الجلالة بعد ما خلا - حيث دلل على أن الاسم الواقع بعد ما خلا يكون منصوبا، مفعولا به. وما مصدرية ولا يكون بعدها إلا فعل وفاعلها واجب الاستتار أما إذا كانت (ما) زائدة فإن ما بعد (خلا) اسم مجرور ب (خلا) التي هي في هذه الحال حرف جر مثل حاشا، والشاهد الثاني فيه توسط المستثنى بين جزأي الكلام - وهو قوله ما خلا اللّه حيث وقعت بين المبتدأ وخبره والتقدير ألا كل شيء باطل ما خلا اللّه.

(١) سورة النساء ٤/ ١٧١ وتمامها: {يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ...}.

(٢) رواه البخاري في صحيحه باب طيب الكلام من كتاب الأدب ٨/ ١٤، وأحمد في مسنده ٢/ ٢٥١، ٢٥٢.

(٣) ينظر شرح المصنف ٦، وأمالي ابن الحاجب ١/ ٢٩١ وشرح المفصل ١/ ١٩.

(٤) ينظر شرح الرضي ١/ ٣ وما بعدها.