شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 463 - الجزء 2

  وقال صاحب الكشاف أيضاً: فإن قلت فما معنى تسمية السور بهذه الألفاظ خاصة؟

  قلت: كأنّ المعنى في ذلك الإشعار بأن الفرقان ليس إلا كَلِماً عربية معروفة التركيب مركبة من مُسميات هذه الألفاظ كما قال عز من قائل: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[يوسف: ٢].

  قلت: وهذا المعنى صحيح وهو يبطل كونها أسماءً للسور والله أعلم.

  قال: فإن قلت: فما بالها مكتوبة في المصحف على صور الحروف أنفسها لا على صور أساميها؟

  قلت: لأن الكلم لما كانت مركبة من ذوات الحروف واستمرت العادة متى تهجيت ومتى قيل للكاتب اكتب كيت وكيت أن يلفظ بالأسماء ويقع في الكتابة الحروف أنفسها عُمِل على تلك المشاكلة المألوفة في كتابة هذه الفواتح.

  وأيضاً فإن شهرة أمرها وإقامة ألسن الأسود والأحمر لها وأن اللَّافظ بها غير متهجَّاة لا يَحلَى بطائل منها وأن بعضها مفرد لا يخطر ببال غير ما هو عليه من مورده آمَنَت وقوع اللبس فيها.

  إلى أن قال: والوجه الثاني: أن يكون ورود هذه الأسماء هكذا مسرودة على نمط التعديد كالإيقاظ وقرع العصا لمن تُحدِّي بالقرآن وبغرابة نظمه وكالتحريك للنظر في أن هذا المتلو عليهم وقد عجزوا عنه عن آخرهم كلام منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم ليؤديهم النظر إلى أن يستيقنوا إن لم تتساقط مقدرتهم دونه ولم تظهر مَعْجَزَتُهم عن أن يأتوا بمثله بعد المراجعات المتطاولة وهم أمراء الكلام وزعماء الحوار وهم الحراص على التساجل في اقتضاب الخُطب والمتهالكون على الافتنان في القصيد والرجز ولم يبلغ من