شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 472 - الجزء 2

  يعتمد باللسان على مخارج الحروف ويصك بها ويعلم أنه أحدث الحروف من الزاي والياء والدال فيكون «زيداً» مخافتة غير جهر ولا مسموع ولهذا إذا كان في نفسه أصم فإنه يجهر بذلك ويعلم الحروف ولا يعلم الصوت وإن علم غيره لإدراكه له فقد بان أنه يصح الصوت من دون الكلام وأن يعلم الكلام من دون أن يعلم الصوت فلولا أن أحدهما ليس هو الآخر ما صحت فيهما هذه القضية.

  قال: وهذا من أقوى ما يحتج به لمذهب أبي علي وأبي الهذيل.

  قال: وهو الأقوى والله أعلم.

  قلت: أما إنه يعقل الصوت من دون الكلام فمسلم، وأما أنه يعلم الكلام من دون أن يعلم الصوت فغير مسلم لما مر ولما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  قال: وإن كنا قد ذكرنا في كتاب التكميل غير ذلك إلا أن هذه الحجة هي التي رجحت عندنا هذا القول يزيدها بياناً أنه يستحق الثواب على القراءة مخافتة بحيث لا صوت له فلولا أن ذلك هو القرآن الذي هو موصوف بأنه كلام لما صحت فيه هذه القضية ألا ترى أنه يحرم عليه ذلك متى كان جنباً ويجب عليه ذلك في الصلاة عند بعض الفقهاء ويستحب في حال ويكفي في ذلك أنه قد فعل الحروف المنظومة في حال المخافتة ولأن المحل محتمل لها والاعتماد الذي فعله بلسانه مع الصكة موجب لها.

  وأيضاً فإن الصوت الحاصل عند الكلام محله غير محل الحروف فإن مخرجه من الحلق بما يوجده هناك من الاعتمادات في الهواء الذي يخرج إلى الفم ومواضع الحروف ومحلُّ الحروف في مخارجها في الفم والشفتين وغيرهما من الحلق في بعضها بحيث لا يصح وجود تلك الحروف التي ليست بحلقية من جهة الحلق ولا يصح وجود ذلك الصوت من مخارجها.

  ويبين ذلك بأن يقبض الإنسان على حلق نفسه بيده ويحدث الحروف فإنه يعلم حدوثها من دون الصوت ويعلم أن مخارجها متباينة فدل على أن أحدهما