شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 473 - الجزء 2

  ليس هو الآخر.

  قلت: ويمكن أن يقال: إن الحروف لما كانت لا تتم إلا باعتماد المخارج وصكتها وجب من ذلك ملازمتها للصوت سواء كان الصوت مما يسمع لجهارته أو لا يسمع لسره وإخفائه ولا نسلم أنه لا صوت مع تبيين الحروف أصلاً بل الصوت ملازم لها وإن لم نسمعه.

  قال الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة: وكذلك الكلام الذي ينطق به الإنسان فخلق الله له اللسان والأدوات والأنفاس واللهوات وفعل العبد فيه الهمة وتصعيد الأنفاس وتحريك اللسان فكان الصوت وظهوره من تصعيد النفَس في الحلق وكان الكلام من تقطيع اللسان واللهوات للنفَس فصار حروفاً وكلاماً مفهوماً.

  ألا ترى أن الإنسان إذا مد صوته ولم يحرك لسانه ولهواته أن ذلك لا يكون كلاماً. انتهى.

  وقال في حواشي الهداية: وقد حدوا الكلام بأنه قول مسموع والجهر والإسرار صفتان له لا يخلو عن أحدهما، يؤيده قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}⁣[الملك: ١٣]، ومن لم يسمع نفسه فلا اعتداد بقراءته وإنما هي إمرار على القلب ولا يسمى ذلك كلاماً لا لغة ولا شرعاً، وقد ذكر هذا عدة من أهل اللغة والفقه كالنواوي. انتهى.

  قال العنسي: فأما احتجاج أبي علي بأن الكلام يوجد مع الكتابة والحفظ دون الصوت فبعيد؛ لأنه مذهب فاسد على ما نبينه إن شاء الله تعالى.

  قال: ويمكن أن يحتج لأبي هاشم بأنه قد ثبت أن الكلام مسموع حساً ولغة وشرعاً:

  أما الحس فلأنا نفرق بين الحروف من الراء والزاي والسين والشين وغير ذلك بحاسة السمع.