شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 495 - الجزء 2

  (وعنهم) أي عن العدد الذي يحصل به التواتر أي كان خبره عن نفسه وعنهم جميعاً بأن يقول رأينا نحن يا هؤلاء القوم أو سمعنا (ولو كان) ذلك البعض المخبر عن نفسه وعنهم (واحداً) وذلك حيث أخبر عن نفسه وعنهم (بحضرتهم) أي في حضور عدد التواتر فسكتوا ولم يكذبوه، وإنما يحصل العلم (بشرط عدم الحامل لهم على السكوت) من خوف أو غيره، وذلك (للعادة القاضية بإنكاره) أي إنكار ذلك الخبر الذي أخبر به ذلك البعض (لو كان) ذلك الخبر (كذباً)؛ لأن العقلاء لا يرتضون الكذب لأنفسهم من غير ضرورة لأنه قبيح عقلاً.

  وعبارة الفصول: وما أخبر به واحد بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه وعُلِم أنه لو كان كذباً لعلموه ولا حامل لهم على السكوت فهذا صدق قطعاً للعادة، ولم يذكر أنه أخبر عنه وعنهم، ومثلها عبارة المعيار، وهي أعم.

  فأما إذا وقع ما يحملهم على السكوت فلا يفيد العلم كما روي أن معاوية أحضر الحسين # وعبدالله⁣(⁣١) بن عمر بن الخطاب وعبدالرحمن⁣(⁣٢) بن أبي بكر


(١) عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن، أسلم قديماً بمكة بإسلام أبيه، وشهد الخندق وما بعدها؛ ذكر الناصر للحق فيما رواه الإمام أبو طالب أنه لم يقاتل مع علي # في حروبه، مع أنه يفضل أمير المؤمنين علياً # على من حاربه، وهو من أصحاب الألوف في الحديث. توفي بمكة سنة ثلاث وسبعين، وله أربع وثمانون. قلت: والعجب من ابن عمر، كيف تخلّف عن أمير المؤمنين # مع علمه وتفضيله له، وكثرة رواياته فيه مما لا يحصر، نحو قوله ÷: «من فارق علياً فقد فارقني، ومن فارقني فارق الله ø» أخرجه ابن المغازلي، عن مجاهد، عن ابن عمر قال الإمام محمد بن عبد الله في الفرائد: وروى البلاذري في تاريخه أن عبد الله بن عمر كتب إلى يزيد - لعنه الله ـ: أما بعد، فقد عظمت الرزية، وجلّت المصيبة، وحدث في الإسلام حدث عظيم، ولا يوم كيوم الحسين ... إلخ. فأجابه يزيد - لعنه الله ـ: أما بعد، يا أحمق، فإنا جئنا إلى قصور مشيدة، وفرش ووسائد منضدة، فقاتلنا عنها؛ فإن يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا، وإن يكن الحق لغيرنا فأبوك أول من سَنّ وابتزّ واستأثر بالحق على أهله. وجاء إلى الحجاج يبايعه لعبد الملك بن مروان، فقال له الحجاج: يا عبد الله إن يدي مشغولة، وهذه رجلي؛ فبايع رجله، واستنكر الحجاج ذلك منه، وتمنعه من بيعة علي. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار)

(٢) عبد الرحمن بن أبي بكر، أسلم في هدنة الحديبية، وشهد مع أخته الجمل، ومع ابن العاص دومة =