(فصل: في ذكر العقل)
= عظمت الفتن وجَلَّت المحن في هذه الدولة - أعلن أهل البيت À الاعتزاء إلى الإمام زيد بن علي بمعنى أنهم يدينون الله بما يدينه، من: التوحيد، والعدل، والإمامة؛ وكان قد أقام الحجة، وأبان المحجة، بعد آبائه À، فاختاروه علماً بينهم وبين أمة جدهم. قال الإمام الكامل عبدالله بن الحسن بن الحسن: (العَلَم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي). وقال ابنه الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية: (أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذْ اعوج، ولن نقتبس إلا من نوره، وزيد إمام الأئمة)، انتهى. و روى محمد بن سالم، قال: قال لي جعفر بن محمد: يا محمد، هل شهدت عمي زيداً؟ قلت: نعم، قال: فهل رأيت فينا مثله: قلت: لا، قال: ولا أظنك والله ترى فينا مثله إلى أن تقوم الساعة، كان والله سيدنا ما ترك فينا لدين ولا دنيا مثله. وروى عن محمد بن علي أنه قال - وأشار إلى زيد -: هذا سيد بني هاشم، إذا دعاكم فأجيبوه، وإذا استنصركم فانصروه. وحال الإمام الرضي، السابق الزكي، الهادي المهدي، زيد بن علي، وقيامه في أمة جده طافح بين الخلق، ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الخبر الشريف بضلالها. وسبب مفارقتهم له مذكور في مؤلفات الأئمة والأمة، واقتدت هذه الفرقة بسلفها المارقة الحرورية، كما قال الإمام زيد بن علي: اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء القوم الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي، كما رفض أهل حَرَوْرَاء علي بن أبي طالب #، حتى حاربوه. وفي تاريخ الأمم والملوك لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري اجتمعت إليه جماعة من رؤوسهم ... إلى قوله: وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ÷، وإلى السنن أن تحيا وإلى البدع أن تطفأ، فإن أنتم أجبتمونا سعدتم، وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل، ففارقوه ونكثوا بيعته، وقالوا: سبق الإمام، وكانوا يزعمون أن أبا جعفر محمد بن علي أخا زيد بن علي هو الإمام، وكان قد هلك يومئذ، وكان ابنه جعفر بن محمد حياً، فقالوا: جعفر بن محمد إمامنا اليوم بعد أبيه، وهو أحق بالأمر بعد أبيه ولا نتبع زيد بن علي فليس بإمام فسماهم زيد الرافضة. قال: وكانت طائفة منهم قبل خروجه مروا إلى جعفر بن محمد بن علي، فقالوا له: إن زيد بن علي فينا يبايع أفترى لنا أن نبايعه، فقال لهم: نعم بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا وخيرنا، فجاءوا فكتموا ما أمرهم به). وروى السيد أبو طالب في كتاب الدعامة: أن جميع فرق الأمة اجتمعت على إمامة زيد بن علي # إلا هذه الفرقة التي تقدم ذكرها، على اختلاف آرائهم فكانت بيعته # مشتملة على فرق الأمة مع اختلافها ولم يشذ عن بيعته إلا هذه الطائفة القليلة التوفيق. ولما دعا الخلق إلى كتاب الله وسنة جده، أخبرهم بما عهد إليه آباؤه بأنه سيقتل ويصلب، وأمرهم بالتثبت في الدين، وأن لا يقاتلوا على الشك. وقال - والمصحف منشور بين يديه -: (والله ما وقفت هذا الموقف إلا وأنا أعلم أهل بيتي بما تحتاج إليه هذه الأمة). استشهد #: في زمن هشام بن عبد الملك الأموي، =