(باب: والشريعة)
  وقال القاضي محمد بن محمد البردوي الحنفي في كتابه أصول الفقه: خبر الواحد إذا خالف كتاب الله يعرف أنه مزيف وليس بصحيح وأن الراوي غلط في الرواية أو في العبارة لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «تكثر لكم الأحاديث بعدي فإذا روي لكم حديث عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله تعالى فاقبلوه وما خالف كتاب الله فردوه».
  وكذلك روي عن أبي بكر وجماعة من الصحابة أنهم أمروا بالعمل بالكتاب عند كثرة الأحاديث وكذلك إذا خالف الخبر المتواتر والمشهور المستفيض في معنى المتواتر وكذلك إذا خالف إجماع المسلمين، وكذلك إذا ورد مخالفاً للدلائل العقلية.
  قال: بخلاف أخبار الرؤية فإنها مشهورة في حكم المتواترة ولأن إثبات الرؤية لا يخالف الدلائل العقلية بل يوافقها على ما عرف في أصول التوحيد.
  قال: وأما وصية النبي ÷ إلى علي فهو غير ثابت بإجماع المسلمين فإنه ما رواه الثقات بل شيء تختلقه الروافض. انتهى بلفظه.
  قلت في كلام البردَوي هذا عجب لمن أنصف ولم يكابر حيث أقر بأن الحديث الآحادي لا يقبل إلا بالعرض على كتاب الله سبحانه واحتج بالخبر وبقول الصحابة، ثم نقض ذلك بقوله: بخلاف أخبار الرؤية فإنها مشهورة في حكم المتواترة، وقد علم أن خبر الرؤية ضعيف رواه من لا تقبل روايته كما سبق ذكره في تنزيه الله سبحانه عن الرؤية مع أنه مخالف للدلائل العقلية ولصريح القرآن حيث قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}[الأنعام].
  وقوله: إنه لا يخالف الدلائل العقلية باطل؛ لأنه لا يعقل المرئي إلا في جهة والله سبحانه وتعالى منزه عن أن يحل في جهة، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}[الشورى].