شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 7 - الجزء 3

  موضع غير معروف إذاً بطلت الحاجة وضاع المحتاجون، وإذا كان كذلك فسد اليقين ودخل الوهن في الدين؛ لأن الله تبارك وتعالى وضع الأشياء موضع الحاجة ووضع للمحتاجين ما فيه صلاحهم ولولا ذلك لفسد التدبير وهلك الحق⁣(⁣١).

  والدليل على ذلك: أن الله بعث الرسل لحاجة الخلق لتُبيِّن⁣(⁣٢) لهم ما فيه صلاحهم، وإذا لم يُبَين لهم ما فيه صلاحهم هلكوا، فلذلك قلنا: لا يجوز أن تكون الإمامة بعد النبوة إلا في موضع معروف لحاجة الخلق إليها وإلا فسد التدبير وضاع الخلق.

  ومما يُصَدِّق قولنا إن الإمامة موضع حاجة الخلق وأنه لا غناء بالناس عنه قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩]، وقوله: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ٨٣]، فأمر بطاعةٍ معلومةٍ غير مجهولة وأوجب على الخلق ثلاث طاعات ترجع إلى طاعة واحدة وهي طاعة الله سبحانه، وأنه لا غنى بالناس بعد الرسول # من الإمام وإلا سفكوا الدماء وانتهكوا المحارم وغلب القوي الضعيف وبطلت الأحكام والحدود وحقوق اليتامى والمساكين ورجع الدين جاهلية فلذلك قلنا إن الإمامة لا تكون إلا في موضع معروف حتى متى قصدوا إلى ذلك الموضع وجدوا حاجتهم وإلا اختلفوا وهلكوا.

  فإن قالوا: لا، بينوا لنا وجه الفريضة؟

  قيل لهم: الوجه على مثل قياس الفرائض كلها يأتي الخبر من الله فيأمر نبيه # أن ينص رجلاً بعينه من موضع معروف ولا يكون ذلك الموضع إلا وهم


(١) كذا في الأصل، وفي مجموع الإمام القاسم #: وهلك الخلق.

(٢) الذي في مجموع القاسم #: «ليبين».