شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الدليل الشرعي على وجوب الإمامة والخلاف في ذلك]

صفحة 18 - الجزء 3

[الدليل الشرعي على وجوب الإمامة والخلاف في ذلك]

  (ودليلها شرعاً) أي من الشرع (قوله تعالى): {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)} أي رئيساً يقتدون بك ويرجعون إليك في أمر دينهم ودنياهم ({قَالَ}) أي أي إبراهيم #: ({وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}) أي واجعل يا رب من ذريتي أئمة بعدي ينالون من فضلها وشرفها ({قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة])، أي: قال الله تعالى: ومن ذريتك أجعل أئمة مهما كانوا أخياراً مؤمنين؛ لأنه لا ينال عهدي الظالمين.

  والمراد بالعهد هنا ما يتحمله الإمام والنبي من الحق العظيم الذي لله سبحانه من إقامة شريعته والقيام بحدودها وتبليغها وجهاد من عنَد عنها ونحو ذلك.

  فهذه الآية الكريمة دالة على عظم حال الإمامة وشرفها وعلو قدرها ولم يتضح لي كونها دليلاً على وجوبها إلا أن يقال: إن الله سبحانه لما أخبر أنه جعل إبراهيم # إماماً ويجعل من ذريته أيضاً أئمة غير ظالمين علمنا أن ذلك لاحتياج المكلفين إلى الإمام ومصلحتهم وأنه لا بد من وقوعه قطعاً، وهذا هو معنى الوجوب ولا دليل يدل على اختصاص ذلك ببعض الأزمنة دون بعض فيكون عاماً لعموم العلة التي ذكرناها وهي احتياج المكلفين ومصلحتهم فهو عام أيضاً في الأنبياء والأئمة.

  (و) دليل وجوبها (من السنة ما يأتي إن شاء الله تعالى) قريباً في ذكر أعيان الأئمة $.

  (و) لنا أيضاً دليلاً عليها من الشرع (الإجماع) من الصحابة والتابعين وغيرهم فإنه لما توفي نبينا محمد ÷ أجمع جميع الناس على أنه لا بد من رئيس يقوم بأمر الأمة ولم ينكر ذلك أحد فيقول: لا نحتاج إلى إمام بل أطبقوا على أن الإمامة حق مطلوب محتاج إليه وإنما وقع الاختلاف والخبط وركوب الأهواء وثوران الحسد والحمية وانشقاق عصا الإسلام في تعيين القائم بأمر الأمة بعد