شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر شروط الإمام

صفحة 46 - الجزء 3

  وغيرهم (على وجوب الاجتهاد) في حق الإمام.

  قال في البحر: فيجب كونه مجتهداً إجماعاً ليتمكن من إجراء الشريعة على قوانينها.

  قال: وقال الإمام يحيى: فلو قُدِّر تعذر الاجتهاد ففي إمامة المقلد تردد: الأصح الجواز للضرورة كالحاكم.

  قال الإمام المهدي #: لكن قد ذكر في شرح الأصول وغيره من الكتب الكلامية أنه لا يجوز من الله تعالى إخلاء الزمان عمن يصلح للإمامة، وادعى الإجماع على أن شرطها الاجتهاد فاقتضى أنهم يمنعون خلوّ الزمان من مجتهد وأنه لا يتعذر مع بقاء التكليف. انتهى.

  فإن قيل: في دعوى الإجماع نظر؛ لأن أكثر الصحابة أجمعوا على إمامة أبي بكر وقد اشتهر عدم اجتهاده وقلة علمه فإنه لم يحفظ من الأحاديث إلا نيفاً وعشرين حديثاً قد بينها في كتاب الكامل المنير وأكثرها غير متعلق بالأحكام، ورجوع عمر إلى علي # في كثير من المسائل لا يمكن إنكاره حتى قال عمر: لولا علي لهلك عمر، وقال حين ردت عليه امرأة قوله: لا تغالوا في مهور النساء فقالت: كيف تمنعنا من شيء أحله الله لنا، وقد قال تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}⁣[النساء: ٢٠]، فقال عمر عند ذلك: كلٌّ أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت.

  والجواب والله الموفق: أما أولاً: فإن ذلك لا يلزمنا على أصلنا، وإن سلمنا عدم اجتهاد أبي بكر وعمر.

  وأما ثانياً: فإنه وإن صح ما ذكروه يمكن اجتهاده لأنه عربي اللسان قريب العهد بالرسول ÷ فيمكنه الاجتهاد في الحادثة بالرجوع إلى كتاب الله سبحانه والبحث عما لم يحفظه من سنة النبي ÷ لكثرة الصحابة الحافظين لها ووجودهم في وقت الحادثة، وإلا رجع إلى قضية العقل لأنه يعلم أو يظن حينئذ